وكما كان يضيق صدرُه الشريف لما يقولون، كان يضيق خوفا من إيذائهم إيّاه، فقد قال - ﷺ -:
"إِنِّي أخَافُ أَنْ يَثْلَغُوا رَأْسِى (١) فَيَدَعُوهَا خُبْزَةً (٢) " أَخرجه مسلم.
ولهذا، نهاه الله تعالى، عن أَن يضيقَ صدرُه بذلك. فقد وَفَّر له جميل الرعاية والحماية والتأْييد.
والغرض الأساسى من نهيه عن وقوع الحرج في صدره، أَلاَّ يبالِىَ بمعارضة قومه، وأَن يُشعره الله بنصره ومعونته.
وتخصيص الذكرى بالمؤمنين؛ لأنهم المنتفعون بها.
﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٣)﴾.
المفردات:
﴿مِنْ دُونِهِ﴾: "دون" له عدة معان، منها أنه بمعنى غير، وهو المناسب هنا.
﴿أَوْلِيَاءَ﴾: قادة يوجهونكم، أو يلون أمركم في دينكم.
﴿تَذَكَّرُونَ﴾: أَصله تتذكرون، مخفف بحذف التاءِ. أَي تتعظون.
التفسير
٣ - ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ... ﴾ الآية.
المعنى: اتبعوا - أَيُّها المكلفون وخاصَّة أَهل مكة - ما أُنزل إِليكم من ربكم من القرآن وسنة الرسول، فإنها من الوحى. ولا تتبعوا من غير ربكم أَولياءَ من الإنس والجن: يزّينون لكم الأَباطيلَ ويصرفونكم عن الحقِّ إِلى الأَهواءِ والبدع، لأَنكم تتعظون قليلًا من الاتعاظ.
(٢) الخبزة واحدة الخبز، أي يتركوها مثل الخبزة التي تضرب باليد قبل وضعها في التنور، أو مثل الخبزة إذا دقت وضربت بعد خبزها، فإنها تصير محطمة.