ولهذا لا تنفعكم المواعظ.
وإنما قلنا: إِن السُّنة من الوحى، لقوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ (١) وقوله عر وجل: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ (٢) وقوله عزّ مِن قائل: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (٣).
وقد استفيد من الآية الكريمة: أنه لا يُعْدَلُ عن النص إِلى الاجتهاد؛ فإِن اتِّبَاعَ الاجتهاد - مع وجود النص - اتباع لغير ما أنزل إِلينا من ربُّنا.
والتعبير بقوله تعالى: ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ يحتمل أَن يراد به أنهم يتعظون قليلًا جدا. ولذا أَكد هذه القلَّة بحرف (ما) ولا يلبث هذا الاتعاظ القليل أن ينتهى، فلا يكون له أَثر جذرى في أَعماق النفس.
ويحتمل أَن يراد بالقلَّة العدم كما يقال: فلان قلَّما يعضل، أي لا يعقل أصلا..
﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (٤) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥)﴾.
المفردات:
﴿وَكَمْ﴾: خبرية بمعنى كثير.
﴿قَرْيَةٍ﴾: المراد من القرية أَهلها.
﴿بَأْسُنَا﴾: عذابنا.
﴿بَيَاتًا﴾: ليلا.
(٢) سورة النحل، من الآية: ٤٤
(٣) سورة الحشر، من الآية: ٧