والمعنى:
وقلنا: يا آدم، اسكن أنت وزوجك الجنة، واستقرا فيها، وتنعما بخيراتها، وكلا من ثمارها - ما أَحببتما - في سعة ورفاهية، من أَي مكان فيها أردتما. ولكن لا تقربا ثمار هذه الشجرة، فتكونا بذلك من الظالمين لأنفسهم، إذ تعديتما حدود الله تعالى.
والجنة التي أُمِرَا بسكناها والأكل منها، اختُلِف في المراد منها. فقيل: هي دار الثواب والعقاب؛ لأنها المعهودة شرعا.
وقيل: هي بستان في الأرض، فالجنة - في اللغة - بمعنى البستان.
واختلف في موقعها، فقيل: بفلسطين.. وقيل: بين فارس وكرمان. وقيل: بعدن.
والإِهباط منها: النقل إلى أَرض سواها يكدحان فيها ويعملان لتحصيل رزقهما.
ويرجح أَصحاب هذا الرأْى ما ذهبوا إليه، بأن آدم خلق في الأَرض بلا خلاف، ولم يذكر في قصته أَنه رفع إلى السماءِ.. ولو رفع، لكان رفعه أولى بالذكر.
ولا يعارض هذا قوله تعالى، فما بعد: ﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ (١) فإِن استعمال الهبوط بمعنى الانتقال، وارد في القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾ (٢).
وقيل: كلا الأَمرين ممكن. والأَدلة متعارضة. فوجب التوقف، وترك القطع. وقد جاءَت هذه الآية في سورة البقرة هكذا ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا﴾ فصرَّح فيها بكلمة (رغدا) أي أَكلا واسعا - رافها.
والمعنى هنا، على ذلك، وإِن لم يصرح به، أَخذًا من إِطلاق الأكل.
واختلف في الشجرة التي نهيا عن القرب منها. فقيل: هي الحنطة. وقيل: هي شجرة العنب. وقيل: هي التينة.
(٢) سورة البقرة، من الآية: ٦١