والأولى عدم تعيينها؛ لفقدان الدليل عليه.
وتوجيه الخطاب إليهما، في قوله تعالى:
﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ لتشريفهما؛ والإيذان بتساويهما في حقِّ الأَكل، ولكى يوجه النهي إليهما صراحة في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾.
وخوطب آدم - وحده - في السكن؛ لأن حواءَ تابعة له فيه.....
والمقصود من النهي عن قربهما تلك الشجرة، ألاَّ يأْكلا منها. وعبّر عن ذلك بالنهي عن القرب منها، مبالغةً في تحريم الأكل منها.
٢٠ - ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا﴾ الآية.
الوسوسة - في الأَصل - الصوت الخفى المكرر. ومنه قيل لصوت الحلى؛ وسوسة. وتطلق أَيضا، على حديث النفس.
وقد غلبت في حديث إبليس لبنى آدم، لإِغوائهم. فإِنه خفى. وقد كانت وسوسته - لآدم وحوّاء - بطريق الاسترسال، حتى وصل بهما إلى ما يريد من المعصية وإِخراجهما من الجنة.
فقد قال لآدم: ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ (١)؟.
وستأْتى بقية كلامه لهما في خفاءٍ وهمس، كما يفعله الناصح الحريص على المصلحة.
فإِن قيل: إِذا كان آدم في جنة الجزاءِ وقت وسوسته له، تكون عودته إليهما متعارضة مع طرده منها، ومنعه من دخولها؟
فالجواب: أنه منع من دخولها على وجه التكريم، ولم يمنع من دخولها ابتلاء لآدم وحواء.
أَما إِذا كان آدم في جنة الأرض، فلا إِشكال.. فإِن إبليس طرد من جنة الأَرض التي كان فيها آدم خلقا وإِقامة.. فلا تعارض. إذ يستطيع أن يحادث آدم على مقربة منه.
وأما على رأْى من يقول: إنَّه أُهبط من منزلة الكرامة عند الله إلى اللعن، بسبب عصيانه لربه، فلا إِشكال في وسوسته لآدم على أي وجه كانت سكناه.

(١) سورة طه، من الآية: ١٢٠


الصفحة التالية
Icon