وبذلك يقول المعتزلة.
ومن أَدلتهم: أن القول بقدرتهم على التمثل أَمام بني آدم، يرفع الثقة بحقائق الأشياءِ فمن رأى ولده مثلا، يحتمل أَن يتخيَّل أَنه رأَى جنيًّا، كما أن رؤيتهم - على حقيقتهم - متعذرة لشفافيتهم.
وثانيتها: تقول: باستحالة رؤيتهم على حقيقتهم فقط.
وأُولئك هم الأَشاعرة.
وحجتهم: أَن الله لم يخلق في عيون البشر قدرة على رؤيتهم بحقيقتهم.
أما رؤيتهم متمثلين، فجائزة - عند الأشاعرة - مطلقا.
وقال النحاس: لا يراهم أحد على حقيقتهم، وإنما يُرَوْن إذا نُقِلوا عن صورهم.
ورؤيتهم متمثلين مقصورة على عصر النبوة فحسب؛ لأَنها من المعجزات للأنبياء.
فلا تكون إلا في عصرهم، كما حدث لسيدنا سليمان عليه السلام.
وقال القشيرى: "أجرى الله العادة، بأنَّ بني آدم لا يرون الشياطين اليوم. وفي الصحيحينِ وغيرهما: "إِنَّ الشَّيْطانَ يَجرى مِن ابنِ آدم مَجْرَى الدَّم". وقال تعالى: "الَّذِي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ الناسِ" (١). وقال - ﷺ -: "إِنَّ للمَلَك لَمَّةً، وللشَّيطانِ لَمَّةً.. فأَمّا لَمَّة الملَك فإيعاد بالخير، وأَمَّا لَمَّة ألشيطان فإيعاد بالشَّرِّ وتكذِيبٌ بالحقِّ" أ. هـ".
والقشيرى بإنكاره رؤيتهم المطلقة، يذهب مذهب المعتزلة.
ويرى كثيرٌ من أهل السنة أن رؤيتهم ممكنة وحاصلة فعلًا.
ويشهد لذلك أن عِفْريتًا تَفلَّتَ على النبي - ﷺ - ليشغلَه عن صلاته.
فأمكنه الله تعالى منه، وأَراد أن يربطه في سارية المسجد، ثم عدل عن ذلك.

(١) سورة الناس، الآية: ٥.


الصفحة التالية
Icon