واختلف في تناول القَدْر الزائد عن الحاجة... فقيل: حرام. وقيل: مكروه.
قال ابن العرب: وهو الصَّحيح.
وقدر الشبع يختلف باختلاف البِلدان، والزمان، والسنّ، والأَشخاص.
والأفضل: التقليل الطَّعام، فإن فيه السلامة.
قال - ﷺ -: "ما ملأ ابنُ آدمَ وعاءً شرًّا من بطنه... بحسْب ابن آدَمَ لُقَيْمَاتٌ يقمن صلبه.. فإن كان لا محالة، فثلثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفَسه" (١).
قال بعض العلماء: لو سمع أَبقراط هذه القسمة، لعجب من هذه الحكمة!!
ونحن نقول: ما أَعظمَ حكمةَ سيدنا رسول الله - ﷺ -، في هذا الدستور، الذي وضعه لحماية الجسم البشرى من شَرَهِ جَهَازِهِ الهضمىِّ فإنَّ الأكل الكثير يورث التخمة، ونتن الفم، والجَشاء؛ لتخمُّر الطعام وفساده، وذلك يستتبع شتَّى العلِل. وقد يموت المرءُ بسكتة قلبّية بسبب امتلاء بطنه، وضغطه على القلب.
فلذا ينبغي اتباع هذا الطب النبوى الذي اشتمل عليه الحديث السابق، لتجتنب المعاطب.
﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾:
أي لا يرضي الله تعالى عن إسرافهم، ويكرههم من أجله.
والجملة تعليل للنهى عن الإسراف..
وقد جمعت هذه الآية وجوه البلاغة وأُصول الأَحكام، باشتمالها على الأمر والنهي والإباحة والخَبَر، كما جمعت - في نصفها - الحكمة.