المفردات:
﴿وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا﴾: أَي وليعطى الله المؤمنين إعطاءً حسنا من عنده، فهو من الإِبلاء بمعنى الإِعطاء، ومنه قول زهير:
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم | فَأَبْلاَهمَا خير البلاء الذي يُبْلَى (١) |
التفسير
١٧ - ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ﴾:
عادت هذه الآية بالحديث إِلى غزوة بدر.
والمعنى: إِذا كان الله تعالى: قد أَمدكم أَيها المؤمنون بأَسباب النصر، من إِنزال الملائكة لتأْييدكم وإِنزال المطر عليكم، وأَمره لكم بالثبات وغير ذلك، فأَنتم لم تقتلوهم بقوتكم وقدرتكم، ولكن الله قتلهم بتأْييدكم وإلقاء الرعب في قلوبهم، وتسليطكم عليهم.
وقيل إِن المعنى: إِن افتخرتم بقتلهم فلا وجه لافتخاركم، فأَنتم لم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وذلك لما روى أَنهم حين انصرفوا من معركة بدر غالبين غانمين، أَقبلوا يتفاخرون، بقول قائلهم: قتلت وأَسرت، وفعلت وتركت، فنزلت الآية لينتهوا عن الافتخار، وليعْزُوا النصر إِلى الفاعل المختار سبحانه وتعالى.
﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى﴾: بعد أَن خاطب الله المؤمنين بما تقدم، خاطب نبيه - ﷺ - بذلك، ليبين للمؤمنين أَن الأَمر لله في شأْن رسوله، كما أَن الأَمر له - سبحانه - في شأْنهم، حتى يتمكن هذا المعنى من نفوسهم، ويستقر في قلوب المؤمنين إِلى يوم الدين.
والمقصود من رميه - ﷺ -، ما حدث منه من قذف التراب في وجوه المشركين كما ذكره الحافظ بن حجر وأيَّده بعدة طرق، فعن حكيم بن حزام (٢) قال: (لما كان يوم بدر،
(١) أَي فأعطاهما خير العطاء الذي يعطى.
(٢) كان حكيم بن حزام مشركا في وقت غزوة بدر، ثم من الله تعالى عليه بالإِسلام، وكان من خيرة المسلمين.
(٢) كان حكيم بن حزام مشركا في وقت غزوة بدر، ثم من الله تعالى عليه بالإِسلام، وكان من خيرة المسلمين.