ومما جاءَ عنها في الصحيحين: أَن البراءَ بن عازب قال له رجل: يا أَبا عمارة: أَفررتم عن رسول الله - ﷺ - يوم حنين فقال: لكن رسول الله - ﷺ - لم يفر، إِن هوازن كانوا قوما رماة، فلمَّا لقيناهم وحَمَلْنا عليهم انهزموا، فأَقبل الناس على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام، فانهزم الناس، فلقد رأَيت رسول الله - ﷺ - وأَبو سفيان بن الحرث آخِذٌ بلجام بغلة رسول الله - ﷺ - البيضاءِ وهو يقول: "أَنا النبي لا كذب، أَنا ابن عبد المطلب" (١).
وأَخرج مسلم عن أَنس قال: "قال العباس: وأَنا آخذ بلجام بغلة رسول الله - ﷺ - أَكُفُّهَا إِرادةَ أَلاَّ تسرع، وأَبو سفيان (٢) آخذ بركاب رسول الله - ﷺ -، فقال رسول الله - ﷺ -: أَي عباس: ناد أَصحاب السَّمُرةِ (٣) - وكان رجلًا صَيِّتًا - فقلت بأَعلى صوتى: أَين أَصحاب السَّمُرة، قال: فوالله لكأَن عَطْفَتَهُمْ حين سمعوا صوتى، عطفةُ البقر على أَولادها، فقالوا: "يا لبيك يا لبيك: قال: فاقتتلوا والكفار".. الحديث - وفيه قال - ثم أَخذ رسول الله - ﷺ - حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: انهزَمُوا وربِّ محمَّد، قال: فذهبت أَنظر، فإِذا القتال على هيئته فيما أَرى، قال: فوالله ما هو إِلا أَن رماهم بحصياته، فما زلت أَرى جَدَّهم - أَي حظَّهم - كليلا وأَمرَهُم مُدْبِرًا قال أَبو عمر: روينا من وجوه عن بعض من أَسلم من المشركين ممن شهد حنينا أَنه قال: وقد سئل عن يوم حنين: "لقينا المسلمين فما لبثنا أَن هزمناهم واتبعناهم حتى انتهينا إِلى رجل راكب على بغلة بيضاء، فلمَّا رآنا زجرنا زجرة وانتهرنا وأَخذ بكفه حصى وترابا فرمى به وقال: شاهت الوجوه فلم تبق عين إِلا دخلها من ذلك، وما ملكنا أَنفسنا أَن رجعنا على أَعقابنا" (٤).
(٢) هو أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وليس أبا سفيان بن حرب والد معاوية.
(٣) واحدة من شجر السمر، وكانت عندها بيعة الرضوان عام الحديبية.
(٤) انظر القرطبى - ٨ ص ٩٨ مطبعة دار الكتب.