المفردات:
﴿أَحْبَارَهُمْ﴾: جمع حبر بكسر الحاء وفتحها لغتان كما قال الفراء - ويطلق على العالم مطلقا وغلب في عالم اليهود.
﴿وَرُهْبَانَهُمْ﴾: جمع راهب مأْخوذ من الرهبة وهي الخوف، والمراد به هنا عابد النصارى الذي اعتزل ملذات الحياة.
التفسير
٣١ - ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ... ﴾ الآية.
لا يزال الكلام متصلًا في عقائد أَهل الكتاب التي كفروا بسببها فقد بينت هذه الآية أَنهم تجاوزوا زعم البنوة لعزير والمسيح إِلى ما هو أَشد وهو اتخاذهم أَحبارهم ورهبانهم والمسيح ابن مريم أَربابا.
والمعنى: اتخذ اليهود علماءَ دينهم أَربابا من دون الله فأَطاعوهم في تحريم ما أَحلّ الله وتحليل ما حرّم الله وجعلوهم بطاعتهم لهم كأَنهم آلهة لهم يطاعون فيما يشرعون، ظانين أَنهم مقدسون، مع أَن كثيرا منهم آثمون، كما سيبينه الله تعالى، قال الربيع: قلت لأَبى العالية كيف كانت تلك الربوبية في بني إِسرائيل قال: ربما وجدوا في كتاب الله - يعني التوراة - ما يخالف قول الأَحبار، فكانوا يأْخذون بأَقوالهم، ويتركون حكم كتاب الله: اهـ. واتخذ النصارى رهبانهم - أَي علماءَهم المتعبدين - اتخذوهم آلهة من دون الله بأن أَطاعوهم فيما لم يحل، كما يطاع الله فيما شرعه لعباده مع أَنهم آثمون.
روى الترمذي عن عدى بن حاتم قال أَتيت النبي - ﷺ - وفي عنقى صليب من ذهب (وكان نصرانيا وقتئذ) فقال: ما هذا يا عدى اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأُ في سورة براءَة ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ﴾ ثم قال: "أَما إِنهم لم يكونوا يعبدونهم كانوا إِذا أَحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإِذا حرموا عليهم شيئًا حرموه" وقد أَسلم عدى بعد ذلك وكان من خيرة الصحابة.


الصفحة التالية
Icon