﴿كَفُورٌ﴾: مبالغ في جحد النعمة وعدم شكرها. ﴿نَعْمَاءَ﴾: نعمة من صحة وغنى وغيرهما، ولم يرد في القرآن لفظ النعماءِ إلا في هذه الآية. ﴿ضَرَّاءَ﴾: من فقر ومرض وغير ذلك. ﴿مَسَّتْهُ﴾: أصابته ولحقته. ﴿فَرِحٌ﴾: كثير الفرح بطرا.
﴿فَخُورٌ﴾: مبالغ في الفخر بها والتعالى على عباد الله.
التفسير
٩ - ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾:
جاءَت هذه الآية والآيتان بعدها لبيان حال الإِنسان وطبيعته عند الابتلاء بالسراءِ والضراءِ. وأنه لا يصبر على المحن ولا يشكر النعم إلا الصالحون.
والمعنى: ولئن أعطينا الإِنسان منا نعمة من النعم وأذقناه حلاوتها ولذتها، كالصحة والمال والولد البار، ثم أخذناها منه فإنه يجمع بين شيئين: المبالغة في اليأس من عودة مثل ما سلب منه، والمبالغة في جحد النعمة وعدم شكر ما بقى منها ونعم الله لا تحصى، وإنما يفعل ذلك لحرمانه من فضيلتى الصبر والشكر، فهو لذلك لا يرجو ثوابا، ولا يخطر بباله أن الله سيردها إليه أو مثلها أو خيرًا منها إِن هو صبر أَو شكر، مع أنه لا يقنط من رحمة الله إِلا الضالون.
١٠ - ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾:
أَي وإذا أنعمنا على الإِنسان مما تطيب به حياته ويشعر بلذته - أنعمنا عليه بذلك - بعد ضر كان يقاسيه ويعانيه، ليقولن مطمئنا إلى بقاءِ هذه النعمة. قد مضى البأْس وانقضى الضُّرُّ ولن يعود.
﴿إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾: أي إِنه نسى ما كان فيه من ضَرَّاءَ، واطمأن إلى بقاء النعمة الطارئة، وفرح بها فرح بطر وغرور وتفاخر بها على عباد الله، وغاب عن ذهنه شكر الله عليها، وأَن الله قد يحرمه منها بعدم قيامه بشكره من أَجلها.
١١ - ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾: لما بين الله تعالى حال جنس الإنسان الذي يَيْئس من رحمة الله إن أصابته محنة، والدى يكفر بالنعمة بعد التفسير فلا يشكر