التفسير
٢٤ - ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ.... ﴾ الآية.
تحدثت الآيات السابقة عن الكفار وإغراقهم في الضلال ومصيرهم الرهيب، كما تحدثت عن المؤمنين وخشوعهم لله وثوابهم الجزيل، وجاءت هذه الآية لتوضيح الفرق الشاسع بين الفريقين.
والمعنى: مثل الكفار في عدم الانتفاع بأبصارهم وأسماعهم، كمثل الأعمى الذي لا يبصر والأصم الذي لا يسمع أي كمثل الذي جمع بين العمى والصم (١) فهو يتخبط في الضلال كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ (٢).
ومثل المؤمنين في معرفة الله والتصديق بوحدانيته وكمالاته، مثل الرجل الحاد البصر القوى السمع فكما أَنه لا يغيب عنه شيء مما يرى ويسمع، فكذلك المؤْمن لا يغيب عن بصيرته وصفاءِ قلبه، شيءٌ مما يليق بكمالات الله تعالى فهو ينتفع بمدركاته العقلية ويميز بين الحق والباطل، والصواب والخطأ، فيتبع الخير ويبتعد عن الشر بعكس الأول.
﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا﴾: الاستفهام هنا بمعنى النفى، أي لا يستويان حالا وصفة.
﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾:
أي أَتغفلون عن عدم استوائهما وما بينهما من الفرق فلا تعتبرون بالفرق بين هؤلاءِ - وهؤلاءِ كما قال تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ (٣). فما بالكم لا تدركون الفرق الشاسع بين الفريقين.
(٢) الأعراف، الآية: ١٧٩.
(٣) سورة الحشر، الآية: ٢٠