الأَجسام؛ قال تعالى في شأْنهم: ﴿... وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً... (١)﴾:
وهم من ذرية سام بن نوح، وكانوا أَهل أَوثان وطغيان، فأَرسل الله إليهم رسولا من بينهم فطره على التوحيد، وأَنشأه الرسل الأَطهار وهو هود عليه السلام، ليدعوهم إلى التوحيد، وترك ما هم عليه من الشرك والجبروت.
وقد عبرت الآية عن هود عليه السلام بأَنه أَخو عاد، للإِيذان بأَنه منهم نسبًا، وأَنه نشأَ بينهم، فهم يعرفونه من منشئه إِلى أن دعاهم إلى الحق، ويعرفون من حسن سلوكه أَنه لا يخدعهم ولا يدعوهم إلا إلى ما تدعو إليه الأُخوة من الخير والحق، فإن الرائد لا يكذب أَهله.
والمعنى: وأرسلنا إلى عاد رسولا من بينهم هو هود، ليأْمنوا جانبه ويطمئنوا إِليه لأنه نشأَ فيهم، وعرفوا صدقه وطيب نشأَته.
﴿قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ﴾:
تحكى هذه الآية ما جرى بين هود وقومه على وجه الإجمال، فالمعقول والمنقول في سياسة الرسل لأُممهم أَنهم لا يجابهونهم في أَول لقائهم معهم بوصفهم بالافتراء، ففي سورة الأعراف يقول الله تعالى: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾. (٢) فقد نصحهم بوقاية أنفسهم من عقاب الله؛ بعبادتة وحده، ولم يصفهم بالافتراء، فلذا يحمل وصفهم به هنا على أنه حدث بعد أَن طال جدالهم ومعارضتهم له.
والمعنى: قال هود لقومه بعدما نصحهم وذكرهم مدة طويلة، وأَصروا على شركهم قال لهم: اعبدوا الله، ودَعوا ما أنتم عليه من الإشراك به، فليس لكم عن إله سواه، ما أنتم إلا كاذبون عليه في اتخاذ الأَوثان شركاءَ وجعلها مستحِقة للعبادة معه، وزعمكم أَنها لكم شفعاء.
(٢) الأعراف، من الآية: ٦٥