لهم حين قال يوسف لأبيه يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام: يا أَبي إني رأيت في منامى أحد عشر كوكبا من الكواكب السماوية، والشمس والقمر، رأيتها جميعا تركت مواقعها وسجدت لى. وكان إخوة يوسف عليه السلام أحد عشر فجاءَت هذه الرؤيا مؤذنة بأَنهم سيسجدون ليوسف مع والديه المشار إليهما بالشمس والقمر فالشمس رمز إلى أبيه، والقمر رمز إلى أمه أَو بالعكس، وقد تحققت هذه الرؤيا تماما، كما بينه قوله تعالى في آخر السورة: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا... ﴾ (١).
والرؤيا الصادقة في النوم قد تكون من الله لأنبيائه فتكون وحيا، وقد تكون إلهاما للصالحين، قال صلى الله عليه رسلم: "الرُّؤيا الحسَنَةُ مِن الرجلِ الصالحِ جُزءٌ مِنْ سِتِّةٍ وَأَرْبَعينَ جُزْءا مِنَ النُّبُوةِ" أخرجه البخاري. وقال أيضا: "لَمْ يَبْق مِنَ النبوةِ إلاَّ المُبَشرَاتُ قَالُوا وَمَا المُبَشِّرَاتُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: الرّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ الصالحُ أوْ تُرَى لَهُ" أخرجه البخاري. وليس بلازم أن تكون الرؤيا الصادقة خاصة بأهل الدين الحق، فقد يراها غيرهم ويغلب على الظن، أَنها حينئذ لا تكون صريحة بل مؤولة، كتلك التي رآها ملك مصر الوثني، وهى رؤيته سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأَخر يابسات، وقد أولها يوسف عليه السلام بسبع سنوات خصبة تأتي بعدها مثلها جدباء.
وأحيانا يستدل بها على أمراض معينة، ولهذا كان أطباءُ اليونان يعتمدون عليها في تشخيص المرض عند المريض، وكان بعض قواد الرومان يعتمدون على رؤاهم في وضع خططهم الحربية، لأَن لديهم تجارب صحيحة في تأويلها: انظر مادة الرؤيا في دائرة المعارف للأستاذ محمد فريد وجدى وأحيانا تكون الرؤيا أخلاطا متباينة وهى المعبر عنها بأضغاث الأحلام وتلك هي التي لا يعرف المعبرون تأويلها لخروجها عن القواعد التي ألفوها في تعبير الرؤى - والله تعالى أعلم.

(١) سورة يوسف من الآية: ١٠٠


الصفحة التالية
Icon