﴿وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ﴾: أحكمت إِغلاقها. ﴿هَيْتَ لَكَ﴾: هيت اسم فعل أمر بمعنى: أقبل وبادر، واللام في ﴿لَكَ﴾ للبيان - أن لك أقول هذا - كما في هلم لك، وقُرىءَ: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ بكسر الهاء وبالهمز وضم التاء بمعنى تهيأت لك، فهو فعل ماض وفاعله.
﴿مَعَاذَ اللَّهِ﴾: أستجير بالله وأعوذ به معاذا مما تدعيننى إليه.
﴿إِنَّهُ رَبِّي﴾: إنه سيدى الذي رباني.
﴿أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾: أحسن إكرامي في مثواى ومقامي عنده فلا أَخونه.
﴿هَمَّتْ بِهِ﴾: عزمت وأصرت على مخالطته.
﴿وَهَمَّ بِهَا﴾: شرع يدفعها عن نفسه.
﴿لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾: أي حجته التي منعته من الانتقام منها.
التفسير
٢٣ - ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾:
تحدثت الآيات السابقة عن شراء عزيز مصر ليوسف. وأنه أمر زوجته دون سواها أن تكرمه وتعنى به لعله ينفعهم أَو يتخذونه ولدًا. وأنه بذلك وبما كان عليه من العقل والوجاهة وحسن المعاشرة مع الناس مكن الله له في الأرض، وأنه لما بلغ أشده آتاه الله الحكمة والعلم، فاكتمل شبابه بالقوة والحكمة والعلم إلى جانب ما هو عليه من الجمال حتى بلغ شطر الحسن كما قال صلى الله عليه وسلم.
وكانت امرأة العزيز ترى هذا كله أمامها، وتشعر في نفسها أنه جدير بالإعجاب والحب، فأعجبت به وأحبته وراودته عن نفسه كما جاءَ في هذه الآية الكريمة، أي طلبت منه مخالطتها: وأصل المراودة الطلب برفق ولين. ومن هذه المادة يطلق الرائد على طالب الكلإِ والماء، وصيغة المفاعلة تقتضى حدوث القعل من الجانبين كقاتل وضارب وصارع وغالب، ولكنها قد تستعمل من جانب واحد كما في مطالبة الدائن ومماطلة المدين ومداواة الطبيب وغير ذلك، والمراودة هنا كذلك، فإنه. من زوجة العزيز ليوسف، أما هو فقد استعصم - كما سيأتي بيانه - وكما يشير إليه قوله تعالى: ﴿عَنْ نَفْسِهِ﴾ فإنه يشير إلى أَنها تخادعه وتريد أَن تجذب عنه مطلبها، قال الزمخشري: أي فعلت ما يفعله