والفاءُ لترتيب الأَمر بالإِسراءِ على الإِخبار برسالتهم. وهذا شروع في ترتيب مبادئ النجاة كى تم على ما قضى الله ودبَّر.
والمعنى: اذهب بأَهلك جزء من الليل أو في آخره، وكن في أَثرهم، لتطلع على أحوالهم، وتبعث الطمأْنينة فيهم.
(وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ):
أَي ولا يلتفت منك ولا منهم أَحد، لئلا يرى ما وراءَه من هول العذاب فلا يطيقه.
وقيل نهوا عن الالتفات، ليوطِّنوا أَنفسهم كل المهاجرة أَو المراد به النهي عن الإبطاءِ في السير فإِن الملتفت قلما يخلو من أَدنى وقفة.
ولم يذكر استثناءَ المرأَة من الإِسراء بأَهله وعدم الالتفات، اكتفاءً بما ذكر في آيات أُخر.
(وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ):
أَى واذهبوا إِلى المكان الذي أَمركم الله بالذهاب إِليه، وهو الشام -على ما روى عن ابن عباس والسُّدِّى- وقيل الأَرْدُنّ؛ وقيل مصر. وقيل موضع نجاة غير معيّن. والعلم عند الله تعالى. وأَيَّا كان الأَمر فالجملة تأْكيد للنهى عن الالتفات مع الإِسراع كالسير قُدُمًا امتثالا لأَمره تعالى. وربما كان معهم من يوجههم إِلى المكان الذي أُمروا أَن يذهبوا إِليه. أو عرفه الله إِياه والطريق الموصل إِليه، والله تعالى أَعلم.
٦٦ - (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ):
أي وأَوحينا إِلى لوط قضاءَ ذلك الأَمر الذي حكمنا به على قومه حكمًا لا مردَّ له، وهو عذاب الاستئصال الذي فسره سبحانه بقوله:
"أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ"، وفي إِبهام الأَمر أَولا وتفسيره ثانيا بما ذكر أَكبر دلالة كل فظاعته وشدة شناعته. والمعنى أَنهم يُسْتأْصلون عن آخرهم وهم داخلون في وقت الصباح فلا يبقى منهم أَحد. وقوله تعالى: