(أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ): أَصحاب الْغَيْضَة وهى جماعة الشجر الكثيف الملتف. والمراد بها البقعة الكثيرة الأَشجار المثمرة.
(لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ): لفى طريق بيّن واضح يؤتمُّ به.
التفسير
٧٢ - (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ):
قيل: هذا قسم من الله تبارك وتعالى بحياة نبيه لوط عليه السلام: إِن قومه لفى غفلة غامرة، وضلالة منكرة، جعلتهم كالسكارى يتحيرون ويترددون، فكيف يستمعون للنصح، أَو يستجيبون لداعى الهدى وهم في غوايتهم يتخبطون؟! والمقصود من القسم تأْكيد جهالتهم بعاقبة إِعراضهم وغفلتهم، وقيل هو قسم من الملائكة بأَمر الله تعالى على تقدير القول، أَي قالت الملائكة للوط عليه السلام: "لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ" غافلون عما يصبِّحهم من عذاب قريب لا ريب فيه، كما قال تعالى: "إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ" (١). وقال قوم إِنه قسم بحياة النبي صلى الله عليه وسلم، وبه قال ابن جرير وابن كثير وجمهور من المفسرين، وعلى رأْسهم ابن عباس، حيث قال: ما خلق الله وما ذرأَ وما برأَ نفسًا أَكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله أَقسم بحياة أَحد غيره (٢). وعلى هذا تكون الضمائر في قوله:" إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ" عائدة على قريش، غير أَن القسم بجياة لوط عليه السلام أَنسب بسياق القصة ولا ضرورة تدعو إِلى أَن يكون القسم هنا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم. فالله جل شأْنه يقسم بما شاءَ على ما شاء، لحكم وأَسرار، والحكمة هنا تكريم لوط وبيان حسن منزلته عند ربه وإِن لم يستجب له قومه، فقد بذل في هدايتهم غاية الجهد، ولكنا نهينا أَن نحلف بغير الله تعالى أَو باسم من أَسمائه أَو صفة من صفاته، كما قدمنا في تفسير قوله سبحانه:
(٢) في كتاب: التبيان في أقسام القرآن لابن القيم تأييد لهذا القول ورد لما سواه.