التفسير
٥ - ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾: أي وكما خلق الله الإنسان خلق له الأنعام وهى الإبل والبقر والمعز والضأن، وجعل له فيها دِفْئًا، حيث يتخذ من أصوافها وأوبارها وأشعارها ملابس وأغطية تمنحه الدفء فى الشتاء كما تمنحه الدفء الداخلي بالطعام حيث تمنحه طاقات حرارية حينما يأكل لحومها ودهونها وألبانها، فإن لكل طعام نوعا حراريًّا خاصًّا به يمنحه الله لآكليه، وللإنسان فيها منافع كثيرة كالحرث والرى وغير ذلك من النعم التى تستنبط منها.
٦ - ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾: وكما تمنحكم تلك المنافع العظيمة فهي تدخل البهجة والسرور على نفوسكم بجمالها حين تعيدونها من مراعيها مليئة البطون، حافلة الضروع وحين تخرجونها من حظائرها الى المراعي متدافقة متموجة تنساب إليها فى مرح وخفة وحيوية ونشاط متناسقة الأعضاء متسقة التكوين.
٧ - ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ﴾: أي ومن نعم الله سبحانه فى منافع الأنعام ولا سيما الإبل. أنها تحملكم وتحمل أمتعتكم الثقيلة من بلد إلى بلد لا تستطيعون الوصول إليه إلا بمشقة وعناءٍ.
﴿إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾: هذا تعليل لما سبق ذكره من نعم الله على عباده، مؤكد بعدة توكيدات، وفى إضافة الرب إلى ضمير المخاطبين إظهار لمزيد عنايته سبحانه بخلقه، وعظيم رأفته وواسع رحمته بهم، والرأفة فرع من الرحمة تختص بدفع المكروه وتخفيف ما يشق على عباده، وأما الرحمة فتشمل هذا وغيره من أنواع الفضل والإنعام.
٨ - ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾: ومن نعم الله عليكم أنه خلق لكم الخيل والبغال والحمير. وسخرها لكم لتركبوها وتنتفعوا بها في السلم والحرب، كما جعلها زينة لكم وجمالا تلفت الأنظار وتبهج النفوس.
﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾: وكما خلق لكم الأنعام والدواب يهديكم إلى اختراع وسائل أُخرى للتنقل والحمل لم تكن موجودة في عصر نزول القرآن وما تلاه إلى زمن قريب، مثل


الصفحة التالية
Icon