﴿بَأْسًا﴾: أَي عذابا. وأَصل البأس: الشدة في الحرب.
﴿أَجْرًا حَسَنًا﴾: أَي جزاء كريما، والمراد الجنة ونعيمها الدائم.
التفسير
١ - ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ... ﴾ الآية.
أي الثناءُ الجميل مستحق لله الذي أنزل على عبده محمد ﷺ كتابه المعروف بالكمال من بين الكتب السماوية، ولَو لَم يُضَف إِلى مُنزله جل وعلا.
وفي حمده تعالى ذاتَه المقدسةَ على إنزال هذا الكتاب العزيز - تنويه بشأن ذلك الكتاب وعلوّ مكانه. وفي التعبير عن الرسول عليه الصلاة والسلام بالعبد، مضافا إلى ضمير الجلالة - تشريف له ﷺ أَي تشريف، وإشعار بأن شأن الرسول أن يكون عبدًا لله الذي أَرسله، لا كما زعمت النصارى في شأن عيسى عليه السلام.
﴿وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا﴾:
أَي ولم يجعل الله سبحانه في كتابه شيئًا من العوج: بنوع اختلال في نظمه، أو تناقض أو اضطراب في معناه، أَو انحراف عن دعوته إلى الهدى والحق، بل جعله تعالى قَيِّمًا أَي معتدلا مستقيما كما قال:
٢ - ﴿قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ... ﴾ الآية.
وفائدة الجمع بين نفي العوج وإثبات الاستقامة - وربما كان في أَحدهما غنى عن الآخر - فائدة الجمع بينهما التأكيدُ، فرب مستقيم مشهود له بالاستقامة، ولكنه لا يخلو من أدنى عوج عند الفحص والبحث. أو جعله تبارك وتعالى مهيْمِنا على سائر الكتب السماوية، مبينا للحق فيها قبل تحريفها، أو جعله - جلت آلاؤه - كفيلا بمصالح العباد الدينية والدنيوية وببيانها لهم، كشأن القيم على الأمور الكفيل بها، لاشتماله على ما ينتظم به المعاش والمعاد بالقسطاس المستقيم، لا إفراط فيما اشتمل عليه من التكاليف حتى يشق على العباد، ولا تفريط فيه حتى يحتاج إلى كتاب آخر يكمله؛ فكان ذلك وصفا له بالتكميل بعد وصفه بالكمال.


الصفحة التالية
Icon