﴿افْتَرَاهُ﴾: اختلقه من عند نفسه.
﴿مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾: المراد من القرية المُهلَكة أهلُها.
التفسير
١ - ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾:
المراد من الناس هنا: المشركون، فهم الموصوفون بأَنهم في غفلة وإِعراض عن يوم الحساب وبأَنهم يستمعون الذكر وهم معرضون لاهية قلوبهم، وبقولهم عن الرسول والقرآن: ﴿هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾.
والمعنى: قَرُبَ ودنا للمشركين يوم حسابهم - يوم القيامة - وحالهم أَنهم في غفلة عنه، معرضون عن القرآن الذي يذكرهم به، فهم بدنياهم مغرورن، وبأُخراهم مكذبون، ولسوف يندمون حين يرون أَنهم في العذاب محضرون.
والتعبير عن وقت حساب الناس في الآخرة بأَنه قريب لهم، لأن ما بقى من عمر الدنيا بالنسبة إِلى ما مضى منها قليل، ولهذا كانت رسالة محمد - ﷺ - خاتمة الرسالات ونُبُوَّتُهُ خاتمة النبوات، ومن أجل ذلك قال - ﷺ -: "بعثت أنا والساعة كهاتين" (١) وأشار إِلى أصبعيه الوسطى والإبهام التي تليها، أي أَن بعثته قريبة من الساعة قرب نهاية الإبهام من نهاية الإصبع الوسطى، وقد ظهر من أَمارات قربها أَنك: (تَرَى الْحُفَاةَ العُرَاة العَالة رِعَاء الشاء يتطاولون في البنيان) كما جاء في الحديث النبوى الصحيح، وأن الأرض تزينت وظن أهلها أَنهم قادرون عليها، كما قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾ (٢) على أن الموت هو القيامة الصغرى، وهو منهم قريب، وحينئذ يعرفون حالهم ومآلهم.
٢ - ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ (٣):
هذه الآية مبينة لمدى إِعراضهم عن يوم الحساب الذي هو قريب منهم، وعن الحق الذي قامت به الحجة عليهم.

(١) أخرجه البخاري في صحيحه بسنده عن سهل - كتاب التفسير - باب (أيان مرساها).
(٢) سروة يونس، من الآية: ٢٤
(٣) جملة "وهم يلعبون" حال من الواو في قوله: {إِلَّا اسْتَمَعُو


الصفحة التالية
Icon