فتعبدون ما لا يجلب لكم نفعا إِن أنتم عبدتموها، كما أَنها لا تضركم شيئا من الضرر إِن أَنتم تركتموها.
٦٧ - ﴿أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾:
قبحًا لكم ولما تعبدون من دون الله، ألاَ تتفكرون فيما صرتم إِليه فلا تعقلون سوءَ عملكم وقبيح صنعكم؟ الأجدر والأَولى بكم أَن تتدبروا وترجعوا إِلى الفطرة السليمة التي تهدى إلى الخالق - جل وعلا - فهو الذي فطركم وربَّاكم. وخلق معبوداتكم، فتعالى الله عن الشريك والمثيل، وعن قبول عبادتكم لسواه.
٦٨ - ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾: أَي قال بعضهم لبعض: حرقوا إِبراهيم وانصروا بذلك آلهتكم، فقد سخر منها ونالها بالتحطيم ولم يرع قدسيتها وتعظيمها عندكم. ﴿إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾: أَي إِن كنتم ناصرين آلهتكم نصرا مبينا فهذا سبيله، وإِلَّا تفعلوا كنتم مفرطين في حقها، وهذا الذي قالوه هو سبيل المُفْحَم المحجوج الذي بهتته الحجة وعجز عن البرهان، فقد قالوا ذلك بعد أَن استيقنت أَنفسهم أَن آلهتهم لا تستطيع أن تنصرهم عليه، بعد أَن عجزت عن دفع التحطيم عن أجسادها.
٦٩ - ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾:
أي قلنا للنار حين ألقوا فيها إِبراهيم: كونى بردا وسلاما عليه، والمقصود من هذا الأَمر الكريم أنه سبحانه سلب منها طبيعتها وهى الإحراق، وجعلها باردة غير ضارة ببرودتها بحيث لكون سلاما عليه، فلا يصيبه منها أَذى في جسده ولا في نفسه، فجمع له الله في تلك النار بين السلامة الحسية والسلامة النفسية، فكان مشروح الصدر مطمئن القلب، سليم البدن.
ذكر أَصحاب الأَخبار قصة تحريق إبراهيم - عليه السلام - مرة مطولة، وأُخرى موجزة، ونحن نسوقها باختصار فما يلى:
لما اجتمع نمروذ وقومه لإِحراق إبراهيم بنوا له بنيانا كالحظيرة، يشير إِلى ذلك