﴿يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ﴾: يحكم بينهم، ويجزى كلا على حسب عقيدته وعمله.
﴿شَهِيدٌ﴾: أَي مراقب وعليم.
﴿أَلَمْ تَرَ﴾: أَلم تعلم. ﴿يَسْجُدُ﴾: يخضع ويَذل.
التفسير
١٧ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾:
حكى الله في الآيات السابقة سوءَ أَحوال الكفار - تابعيهم ومتبوعيهم والمذبذبين منهم - وبين سوءَ مصيرهم ومنقلبهم، وبين حسن حال المؤمنين الصالحين وجميل مثوبتهم، وختم ذلك ببيان أَنه تعالى مؤَيِّد رسوله بالنصر والغلبة في الدنيا والآخرة، وجاءَت هذه الآية الكريمة لتؤَكد نصره في الآخرة على جميع الفرق الكافرة.
وقد ذكر الله في هذه الآية ست فرق يفصل الله بينها يوم القيامة، أُولاها: المؤْمنون، والمقصود بهم في هذا المقام: من آمن بالله ورسوله محمد - ﷺ -، وثانيها: الذين هادوا وهم المعروفون باليهود، ولما ذهب موسى لميقات ربه، صنع لهم السامرى عجلا جسدا له خوار، وقال: هذا إِلهكم وإِله موسى فعبدوه، فأَخبره الله بما صنع قومه فرجع إِليهم غضبان أَسفا، ووبخهم على ما فعلوا، وطلب إِليهم التوبة، وقد حكى الله ذلك في عدد من السور، ومنها قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (١).
فمعنى كونهم هادوا: أَنهم رجعوا إِلى الله وتابوا عن عبادة العجل فتاب عليهم، أَي: قبل توبتهم، فلهذا أَطلق عليهم القرآن: (الذين هادوا) مراعاة لما كان من أَجدادهم، وأَما المعاصرون للنبي - ﷺ - فهم مكلفون بالإِيمان بالنبي - ﷺ - ومن لم يؤْمن به فهو كافر؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ (٢).

(١) الآية: ٥٤
(٢) سورة البينة، الآية


الصفحة التالية
Icon