من مثوبة ومغفرة لأَدائهم المناسك على وجهها المشروع، وتعظيمهم الحرمات وتقديرها حق قدرها. وأَما الدنيوية ففيما يصيبونه من ربح في التجارة، وبما يحصلون عليه من لحوم الهدايا وما يذبحه الحجاج جزاءَ مخالفتهم لما وجب عليهم من المناسك، إِلى غير ذلك من التعارف والتآلف، وإِحكام الصِّلاتِ بين الأَفراد والجماعات والأُمم الإِسلامية، وحل مشكلاتهم السياسية والمالية والاجتماعية ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ﴾: عند الذبح والنحر للهدايا والضحايا ودماءِ الحج، مثل قولهم: باسم الله والله أَكبر اللهم هذا منك وإِليك. وبذلك أَوجب الله ذكر اسمه عند الذبح ليحل أَكل المذبوح كما قال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ (١). وكان الكفار يذبحون على أَسماءِ آلهتهم. فبين جل ثناؤُه أَن الواجب أَن يكون الذبح على اسم الله.
﴿فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾: هي أَيام النحر، وهي ثلاثة أَيام: يوم العيد ويومان بعده. وبذلك قال جماعة من العلماءِ منهم الثورى، وسعيد بن جبير، وقيل أَربعة: أَيام: يوم العيد وثلاثة بعده. وبذلك قال الحسن وعطاءُ والشافعى وقيل غير ذلك (٢) ويُنبىءُ عن أَنها أَيام النحر قوله تعالى: ﴿عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾: فإِنه يشير إِلى أَن المراد بالذكر هنا: ما يقع من ذكر الله عند الذبح في تلك الأَيام، وفي التعبير عن الذبائح بأَنها من رزق الله، إيذان بأَنها من نعمه تعالى عليهم، فلا يليق بهم أَن يبخلوا بها، فهى منه وإِليه.
﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾: الأَمر فيها لإِباحة الأَكل منها لصاحب الهدى والأُضحية ولأَهله عند قوم، وللاستحباب والندب عند آخرين، مواساة للفقراءِ ومساواة لهم ويتصدق بالأَكثر وذهب أَكثر العلماءِ إلى أَنها تقسم أثلاثا فيتصدقون بالثلث ويهدى الثلث ويأْكل هو وأَهله الثلث، وممن ذهب إلى أَن الأَكل مباح وليس مندوبا أَبو حنيفة وسفيان الثورى، فقد قال: كان المشركون لا يأْكلون من ذبائحهم فرخص للمسلمين، فمن شاءَ أَكل ومن شاءَ لم يأْكل.
(٢) انظر كتب الفقه.