ويرجع تحليلها في بعض الغزوات، إِلى الترخيص لهم بما أَلفوه قبل الإِسلام في سفرهم وحروبهم، تأْليفًا لهم وتدرجًا مهم في التشريع، فلما تشبعت نفوسهم بدينهم، حرمه الله إلى الأَبد. وقد علق الإِمام النووى على الحديث الأَول من أَحاديث المتعة عند مسلم - علَّق عليه - بكلام نفيس، ثم قال: قال القاضى (١): واتفق العلماءُ على أَن هذه المتعة كانت نكاحًا إلى أَجل لا ميراث فيها، وفراقها يحصل بانقضاءِ الأجل من غير طلاق، ووقع الإِجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء إِلَّا الروافض، وكان ابن عباس - رضي الله عنه - يقول بإباحتها، وروى عنه: أَنه رجع عنه.
قال (٢): وأَجمعوا على أَنه متى وقع نكاح المتعة الآن، حكم ببطلانه، سواءٌ كان قبل الدخول أَو بعده إِلى آخر ما قال. فارجع إِن شئت إِلى باب نكاح المتعة في كتاب أَحكام النكاح تعليق الإِمام النووى على الإِمام مسلم، وقد أَسهب الآلوسى في الكتابة على هذه الآية، فمن شاءَ المزيد فليرجع إِليه.
ومما ذكره فيها: أَن الأَئمة اختلفوا في استمناء - الرجل بيده، وأَن جمهور الأَئمة على تحريمه، لدخوله تحت عموم قوله تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٣١)﴾ وذكر أَن الإِمام أَحمد يجيزه، لأَن المنى فضلة في البدن فجاز إِخراجها عند الحاجة، كالفصد والحجامة. وعزز بعض العلماء رأْى الجمهور بحديث عن رسول الله - ﷺ - قال: "ناكح اليد ملعون"، كما عززه بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾، وهذا الاستمناءُ يقرب صاحبه من الزنى، فلهذا يكون منهيًّا عنه ومحرمًا.
٨ - ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨)﴾:
هذه هي الصفة الخامسة للمؤمنين الموعودين بالفوز وميراث الفردس، وهي رعايتهم لأَماناتهم وعهدهم، والمراد بأَماناتهم: ما ائتُمِنُوا عليه من جهة الله هي التكاليف الشرعية التي كلف الله عباده بها، كالصلاة والصوم والزكاة وترك الخمر والميسر، أو من جهة الناس وهي ودائعهم من الأَموال والأَسرار.
(٢) أي: قال القاضى عياض.