﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (١٧) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠﴾
المفردات:
﴿سَبْعَ طَرَائِقَ﴾: سبع سماوات طباقًا بعضها فوق بعض، وهي جمع طريقة، والعرب تسمى كل شيء فوق شيء طريقة - انظر القرطبى. ﴿مَاءً بِقَدَرٍ﴾ أي: بتقدير لائق يجلب المصالح ويدفع المضار. ﴿جَنَّاتٍ﴾: بساتين. ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْن﴾: تنبت ملتبسة بالدهن ومصاحبة له في تكوينها. ﴿وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ﴾: وما يصبغ بِه الخبز للآكلين أي: يغمس فيه.
التفسير
١٧ - ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِين﴾:
بين الله في الآيات السابقة خلق الإنسان ومصيره الذي ينتهى إليه، وبين في هذه الآية وما بعدها خلق ما هو بحاجة إليه في حياته الأولى، استكمالًا لنعمته عليه.
وفي تقديم بيان خلق الإنسان على خلق هذه الكونيات العظيمة، إيذان بعظم خلقه مع صغر حجمه، ففيه انطوى العالم الأكبر، كما قال الشاعر:

أَتَزْعُمُ أنَّكَ جِرْم صَغِير وَفِيكَ انْطَوَى الْعَالمُ الأْكْبَرُ
وفي تلك الآيات دلالة على إمكان بعثهم الموعود به قبلها في قوله سبحانه: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)﴾ فإن من قدر على خلق السموات، وإخراج الشجر والنبات من التراب،


الصفحة التالية
Icon