وجمهور العرب والقراء على فتح السين مع مد الهمزة، وقرىء بكسرها مع المد أيضًا - وهو لغة بنى كنانة، وفيه لغات وقراءات أخرى: كَطُورِ سينين، ونكتفى بما ذكرنا، والمراد بالشجرة التي تنبت منه الدهن: شجرة الزيتون، وتخصيصها بالذكر من بين سائر الأشجار التي تنبت هناك لما فيها من المنافع الجليلة، ولشهرة طور سيناء بإنباتها أكثر من اشتهاره بإنبات سواها عند العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، وتخصيصها بالوصف بالخروج من الطور مع خروجها من سواه لتعظيمها، وقيل: لأنه هو المنشأُ الأصلى لها بعد الطوفان، والله أعلم بذلك القول.
والمراد من نباتها بالدهن، نباتها ملتبسة به، حيث خلقها الله صالحة لإخراج ثمرها مشتملا على نسبة عالية من الزيت، والمراد من كونه صبغا للآكلين، أنه يغمس فيه الخبز ويصبغ به عند تناوله، كما كانوا يفعلون عندما نزل القرآن عليهم.
ومعنى الآية: وأنشأنا لكم شجرة طيبة بما أنزلناه من السماء من ماء، وهذه الشجرة تخرج من أرض مباركة قريبة منكم يجلب لكم ثمارها، هي سفح طور سيناء الذي كلم الله تعالى موسى عنده، وتلك الشجرة تنبت وفيها خاصيةُ إخراج ثمرٍ يجمع بين نعمتين: (إحداهما) نعمة الدهن، وهو الزيت الذي تستعملونه في سراجكم وسائر أموركم التي تحتاج إليه. (وثانيتهما) أنه أدْمٌ تصبغون به الخبز عندما يتناوله الآكلون منكم.
﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢)﴾.
المفردات:
﴿الْأَنْعَامِ﴾: تطلق على الإبل والبقر والغنم، أو كما قال صاحب المختار: هي المال الراعية، وأكثر ما يطلق: على الإبل. اهـ، وسيأتى في التفسير مزيد بيان عنها.


الصفحة التالية
Icon