﴿الْفُلْكِ﴾: الفلك السّفُن، وقد يطلق على الواحدة، وقد يُذَكر حينئذ، كما قال تعالى: ﴿فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ وقد يؤنث كما في قوله تعالى: ﴿وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ﴾ قال صاحب المختار: كأنه يذهب بها إذا كانت واحدة إلى المَرْكب فتذكر، وإِلى السفينة فتؤنث. اهـ وهي تحتمل الإفراد والجمع، ومن إطلاقها على الجمع قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ (١). ومن إطلاقها على المفرد قوله تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُون﴾ (٢).
التفسير
٢١ - ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٢١)﴾
بين الله في الآيات السابقة نعمة وآياته في خلق الإنسان، وإنزال الماء من السحاب، وإنبات الحدائق والبساتين وأنواع النبات بما أنزله لهم من الماء، وخزنه لهم منه في جوف الأرض، وجاءت هذه الآية لتبين آياته ونعمه في الأنعام.
والأنعام المذكورة هنا، إما أَن يراد بها أصنافها وهي الإبل والبقر والغنم، وإما أن يراد بها الإبل خاصة لقوله تعالى في الآية التالية: ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ وإرادة العموم هنا أولى، لأن العبرة والمنافع فيها ليست قاصرة على الإبل.
والمعنى: وإِن لكم - أَيها الناس - لعظة عظيمة في أصناف الأنعام، نسقيكم مما في بطون إناثها من بين فرْثٍ ودم لبنًا خالصًا سائغًا للشاربين، ولكم فيها منافع كثيرة في أوبارها وأصوافها وأَشعارها وفي عظامها حيث تطحن وتكون ضمن طعام الداجنة، وفي غِرَائها الذي يلصق به، ومن لحومها تأكلون، ومنها تتعيشون وترتزقون، حيث تتجرون في أنواعها وأَجزائها وفضلاتها، وقد تقدم الكلام وافيًا على مثل تلك الآية في سورة النحل (٣). فارجع إليها إن شئت.
(٢) سورة الشعراء، الآية: ١١٩.
(٣) الآية رقم ٦٦ منها.