المفردات:
﴿الْفُلْكَ﴾: السفينه. ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾: المراد من أعينه تعالى؛ مزيد حفظه ورعايته فإنه منزه عن مشابهة الحوادث. ﴿وَفَارَ التَّنُّورُ﴾: التنور الكانون يخبز فيه، ويطلق عليه الْفُرْنُ أَيضًا، والمراد من فورانه: نبع الماء منه، ويطلق التنور أيضًا على كل مَفْجَرِ ماءِ (١).
﴿فَاسْلُكْ فِيهَا﴾: فأدخل فيها. ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾: أي من كل صنف فردين متزاوجين ليكونا بذلك التزاوج اثنين. ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ﴾: صَعِدت.
﴿مُنْزَلًا مُبَارَكًا﴾: مكانًا كثير الخير.
﴿وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾ (٢): وإن كنا لمصيبين قوم نوح ببلاء عظيم.
التفسير
٢٧ - ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا... ﴾ الآية.
أي: أجبنا دعاء نوح على قومه، فأوحينا إليه على لسان جبريل، قائلين له: اصنع السفينة التي سوف نُنجِّيك مع المؤمنين بركوبها، اصنعها تحت رعايتنا وحفظنا وإِرشادنا لك بالوحى عن طريقة صنعها حتى تسلم من الخطإ ومن عدوان قومك عليك وأنت تصنعها.
﴿فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ﴾:
فإذا جاء موعد أمرنا بشأنهم، وحان وقت عقابهم على كفرهم، بعد تمام صنع السفينة، وفار الماءُ من الفرن، أمارة لك على مجىء أمرنا وعقابنا لقومك، فأدخل في السفينة من كل نوع يتوالد زوجين اثنيين ذكرا وأنثى، وأدخل فيها نساءك وأولادك فهم أهلك، إلّا من سبق عليه قولنا وقضاؤنا أزلًا بإهلاكه منهم، وهم ابنك وزوجتك الكافران، ولا تسألنى نجاة أحد من أولئك الكافرين، ولا تشفع في هؤلاء الظالمين، فإنهم مُغرقون بالطوفان جميعًا جزاء كفرهم وظلمهم.
ويصح أن يكون المراد من أهله: المؤمنون من أمته، واستثناء ما سبق عليه القول منهم يُعَبَّرُ عنه فنِّيًّا بالاستثاء المنقطع، لأَن من سبق عليه القول بالإهلاك ليس من المؤمنيين.
(٢) (إن) هنا مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، واللام بعدها الفرق بينهما وبين النافية.