وقيل: هي العصا، واليد، والسنون، والطمس (١)، والطوفان، والجراد، والقُمَّلُ والضفادع، والدم، أما فاق البحر الذي عدَّه بعضهم منها، فلا مساغ لعدِّه؛ لأنه عليه السلام لم يبعث به إِلى فرعون وقومه، وإنما كان بعثه بالآيات التي كذبوها، واستكبروا عنها، وهم لم يستطيعوا تكذيبه، حيث أهلكوا فيه.
وعن الحسن: المراد من الآيات التكاليف الدينية التي أُمروا بها، ومن السلطان: كل معجز أَتَيَا به. اهـ، ويمكن أَن يراد بالسلطان: تسلط موسى في المحاورة، ووضوح الدلالة على الصانع - جل وعلا - والقوة والإِقدام.
٤٦ - ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ﴾:
أَي: أَرسلناهما إلى فرعون وأَشراف قومه لغايتين: إحداهما: دعوتهم إِلى الإِيمان، والثانية: إطلاق سراح بني إسرائيل من الأَسر، فلم يكن إِطلاقهم من الأسر هو المقصود وحده من إرسالهما بدليل ما صُرِّح به في سورة النازعات، في قوله سبحانه: " ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾.
وخُصَّ الملأُ - أَي الأَشراف - بالذكر، لأَن إِطلاق سراح بنى إِسرائيل: وكف الأَذى عنهم، مما أُرْسِلا لأَجله، وذلك منوط بآراء الأَشراف من قوم فرعون، وبموافقتهم، فضلا عن أَنهم قدوة لغيرهم يقتدون بهم في الامتثال والاستجابة لما دعوا إليه.
ويجوز أن يراد بالملإِ: قومه جميعا، فقد ورد استعماله لغة بمعنى: الجماعة مطلقا.
﴿فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ﴾ أَي: فتمردوا مستكبرين، وأَعرضوا عما دعوا إِليه، وكان فرعون وشيعته قوما متكبرين قاهرين لغيرهم بالظلم والطغيان، والمراد: أّن تلك عادتهم، وما فُطروا عليه.
٤٧ - ﴿فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ﴾.
الهمزة لإنكار، أَي: أَن فرعون وقومه أَنكروا على موسى وهرون دعوتهما إلى الإِيمان لكونهما بشرين، شأْنهم في ذلك شأْن الأُمم السابقة التي أنكرت بعثة الرسل من البشر،

(١) وهو إذهاب الشيء عن صورته، وقد صير الله أموالهم ودراهمهم حج


الصفحة التالية
Icon