من يمارسه من الرجال والنساءِ وقد ذكرت أَحكامه في سورتى النساءِ والنور، وفي السُّنَّة النبوية الصحيحة، ولشيوع الزنى في الجاهلية في الحرائر والإماء، تدرج الإِسلام في عقوبة الزناة، فبدأَ بالحبس، وَثَنَّى بالإِيذاء بغير تحديد، ثم يجلد غير المحصن مائة جلدة، ورجم المحصن.
فأَما الحبس فكان للنساءِ خاصة متزوجات أَو أَبكارًا، وذلك بعد ثبوت الزنى عليهن بشهادة أَربعة شهود، وفي ذلك يقول الله تعالى في سورة النساء: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ (١) وكان حبس المرأَة في البيوت قبل أَن تستحدث السجون، فلما استحدثت كُنَّ يُحْبَسْنَ فيها، روى ابن أَبي حاتم بسنده عن ابن جبير أَنه قال: (كانت المرأَة أَول الإِسلام إذا شهد عليها أَربعة من المسلمين عدول بالزنى حبست في السجن، فإِن كان لها زوج أَخذ المهر منها، ولكن ينفق عليها من غير طلاق وليس عليها حد ولا يجامعها): اهـ.
وأَما الإِيذاء فكان للزناة من الرجال جميعا، وأَشار إِلى محصنيهم وغير محصنيهم بالتثنية، فيكون الإيذاء لهم دون النساء، ويشهد لذلك قوله في الآية: "واللذان يأْتيانها منكم" أَي منكم أَيها الرجال وبه قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما.
وقيل إِن الإِيذاءَ كان للزناة من الرجال والنساء محصنين أَو غير محصنين، قال قتادة: كانت المرأَة تحبس ويؤذيان جميعًا، وهذا لأن الرجل يحتاج إِلى السعى والاكتساب ليصرف على أَهله ولا يوجد نص يدل على أَن الحكم بإِيذائهما كان معاصرًا للحكم بحبس المرأَة، أو أَنه تأَخر عنه فكان مرحلة ثانية لعقاب الزناة - وهو الظاهر -، ولم يُحدّد الإِيذاء في الآية، إِذ يقول سبحانه: ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا﴾ ولهذا قال بعض العلماء: إِنه كان بالتوبيخ والتعيير (٢)، ومنهم مَنْ قال: هو النيل باللسان والإِيذاءُ بنحو اليد والنعل.
والمرحلة الثالثة: هي الحد، وهو نوعان (أَحدهما) أَن يجلد كل من الزانى والزانية
(٢) فيقال لهما: فجرتما وفسقتما وخالفهما أمر الله عز