ومعنى الآية على هذا: الزانى لا يليق به أَن يتزوج إلا زانية أو مشركة لقبحه مثلهما، والزانية لا يليق أَن يتزوج بها إلاّ زان أَو مشرك كذلك، فالخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، فالآية تُزهِّد في نكاح البغايا والزناة، وليس الغرض منها إباحة زواجهن أَو زواج المشركات للزناة من المؤمنين، كما أنها تحث المؤمنين والمؤمنات على التصوّن من نكاح هذا النمط من الفساق، وأَن يكون الطيبات منهم للطيبين، والطيبون للطيبات:
وعلى هذا التأْويل يفسر قوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ بمعنى: حُرِّم نكاح البغايا والزناة على المؤمنين (١)، لما فيه من التسبب في سوء القالة، والتعرض للإقدم على مثل فعلهم، فإن مجالسة الفساق والخطائين تحمل على مثل فعلهم، فكيف بمزاوجة الزوانى والزناة، وبخاصة إذا كان بقصد التكسب بالفاحشة، وفي الآية آراءٌ مختلفة، وما ذكرنا أفضلُها، ولو تزوج المؤمن بزانية فمع حرمة الزواج بها للأسباب المذكورة يصح العقد عليها فقد سُئل رسول الله - ﷺ - عن رجل زنى بامرأَة وأَراد أَن يتزوجها فقال: "الحرام لا يحرم الحلال" أخرجه الطبرانى وغيره عن عائشة وبه أَخذ أَبو بكر وابن عباس وابن عمر وجابر وغيرهم.
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)﴾
المفردات:
﴿يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾: يقذفون العفيفات بتهمة الزنى.
﴿الْفَاسِقُونَ﴾: الخارجون عن طاعة الله.