﴿أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (١٤) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ (١) إلى غير ذلك مما جاءَ في سورة الجن وفي السنة الصحيحة.
والمعنى الإِجمالى للآية: تعالى الله الذي أَنزل عل عبده ورسوله محمد القرآن، فارقًا بين الحق والباطل، ليكون به منذرا للعالمين من الإِنس والجن، ومخوفا لهم من العقاب إِن كفروا بآياته، وعبدوا غيره.
﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾:
المراد بخلقه كل شيءٍ إِيجاده، وبتقديره تهيئته لما خلق له من الخصائص.
ومعنى الآية: هو الله الذي له السلطان القاهر، والاستيلاءُ التام على السموات والأَرض وما فيهما خلقًا وملكًا وتصرفًا، إِيجادًا وإِعدامًا، وإِحياءً وإِماتة، وأَمرا ونهيًا، حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح، وليس لغيره في ذلك شريك أَو معين، وأَوجد كل شيءٍ فيهما إِما من العدم أَو من مواد لائقة بخلقه، فقدره، وهيأَه وهداه لما أراده منه من الخصائص والأعمال، كتهيئته الإنسان وهدايته للإدراك والفهم والتدبير، واستنباط الصنائع المتنوعة، واختراع الفنون العجيبة، ومزاولة الأعمال المختلفة، وتسخير الحيوانات واستزراع المزروعات، والانتفاع بالجمادات وغير ذلك من عجائب الله في تقدير الإنسان.
وكهيئته النحل لاتخاذ مأوى لها في الجبال والشجر والعرائش، والتعرف بحواس داخلية على أماكن الزهور والثمار، فتطير إليها، وتمتص رحيقها وتأكل من ثمراتها فيتحول غذاؤها إلى عسل شهى مختلف أَلوانُه فيه شفاء للناس، فتلقيه في بيوت هندسية مسدسة الأضلاع، صنعتها من شمع تفرزه لبنائها ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.
٣ - ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾:
تحكى هذه الآية أباطيل المشركين في عقائدهم وتبين وجه بطلانها، بعد بيان عقيدة أهل الحق فيما قبلها.

(١) سورة الجن، الآيات: من ١٣ - ١٥.


الصفحة التالية
Icon