﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (٢٠)﴾
المفردات:
﴿فِتْنَةً﴾: امتحانا وابتلاءً. ﴿أَتَصْبِرُونَ﴾: علة لجعلنا - أي: جعلنا بعضكم فتنةً لبعض لنعلم أيكم يصبر، ونظيره ليبلوكم أيكم أحسن عملًا، ويجوز أَن يكون حثًّا على الصبر على الفتن.
التفسير
٢٠ - ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ (١):
هذا جواب آخر عن قولهم ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ وقد سبق الجواب عنه بقوله سبحانه: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ وبقوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا﴾.
ومن فوائد هذا الجواب تسلية النبي - ﷺ - روى عن ابن عباس أنه قال: لما عير المشركون رسول الله - ﷺ - بالفاقة وقالوا:

﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ﴾ الآية، حزن النبي - ﷺ - لذلك، فنزلت هذه الآية تسلية له.
والمعنى: وما أَرسلنا قبلك يا محمد أحدا من المرسلين، إلا وحالهم أنهم مثلك يأكلون الطعام ليغذوا به أَجسامهم، ويمشون في الأَسواق للتجارة وكسب الرزق، وليس ذلك منافيًا
(١) جملة ﴿إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ﴾ وما عطف عليها في محل النصب على الحال، وهي مستثناة من أعم الأحوال، أي: وما أرسلنا قبلك رسلا من المرسلين في حال من الأحوال، إلا وإنهم ليأكلون.. إلخ: نقله الآلوسى عن ابن الأنبارى، واستحسنه أبو حيان، وتقدير الواو قيل لأن الفصيح عدم الاكتفاء بالضمير، ومنهم من قال إن ما في الآية هو الفصيح بعد إلا فيكتفى بالضمير بدون الواو، وفي إعرابها كلام كثير وما قلناه أفضله.


الصفحة التالية
Icon