االتفسير
٧ - ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى... ﴾ الآية.
هنا كلام مطوى يشير إِليه السياق على عادة القرآن الكريم.
والمعنى: استجاب الله تعالى دعاء عبده زكريا وقال له على لسان الملائكة: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ.... ﴾ كما قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى.... ﴾ (١). وقوله تعالى:
﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾: أَي لم نجعل له شريكا في هذا الاسم، فلم يُسمَّ أحد قبله يحيي، وفي هذا مزيد تشريف وتفخيم له عليه السلام.. وعن مجاهد أن "سميا". معناهُ شبيها، أخذه من قوله تعالى: ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ (٢). أي شبيها أَي لم نجعل له شبيها، حيث إنه لم يعص ولم يهُمَّ بمعصية، فقد أَخرج أَحمد وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: "ما مِنْ أحدٍ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلاَّ وَقدْ أخْطأ أوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ إِلاَّ يَحْيَى بْنَ زَكَريّا عَلَيْهِمَا السلَامُ، لَمَ يَهُمَّ بَخطيئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا". قال الآلوسى:. والأخبار في ذلك متضافرة. أهـ.
ويؤيد ذلك قوله تعالى في شأنه: ﴿مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (٣).
٨ - ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾:
أي قال زكريا عليه السلام: يا رب كيف يكون لي غلام وكانت امرأتى - ولا تزال - عاقرا لا تحمل ولا تلد، وقد بلغت سن اليأْس من الولد؟ "وهذا تعجب بحسب العادة"، لا استبعاد منه لقدرة الله - وحاشاه - فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سنه كانت إِذ ذاك مائة وعشرين سنة، وكانت سن امرأته ثمانيًا وتسعين، ولا يولد لمثلهما عادة، ولكن لله تعالى خرق العادة، وما المعجزات التي أَيد الله بها رسله إلا خرق لها...
(٢) سورة مريم، من الآية: ٦٥
(٣) سورة آل عمران، من الآية: