﴿زَكِيًّا﴾: طاهرا من الذنوب والآثام، من الزكاة بمعنى الطهارة، أَو ناميا على الخير والبركة، من الزكاة بمعنى النمو.
التفسير
١٦ - ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا﴾:
لما ذكر الله تبارك وتعالى قصة زكزيا عليه السلام، وأنه تعالى وهب له في حال كبره وعقم زوجته غلامًا زكيا مباركا - عطف على قصته قصة مريم وولدها عيسى عليهما السلام، لِمَا بين القصتين من مناسبة عظيمة ومشابهة قوية - وقد قرن تعالى بين القصتين في هذه السورة، وفي سورة آل عمران وفي سورة الأَنبياء عليهم الصلاة والسلام. والمخاطب هو سيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم. والمراد بالكتاب القرآن الكريم، كما هو الظاهر.
وقال العلامة أبو السعود: المراد بالكتاب السورة الكريمة، لا القرآن كُلُّه، إِذ هي التي صدرت بقصة زكريا المستتبعة لذكر قصتها وقصص الأنبياء المذكورين فيها. اهـ.
والمآل واحد، فإن ذكرها في هذه السورة يعتبر ذكْرًا لها في القرآن.
والمعنى: واذكر أيها الرسول - في القرآن قصة مريم حين اعتزلت أهلها وانفردت عنهم، وأَتت مكانا شرقىَّ بيت المقدس (١)، لكي تتفرغ فيه لعبادة ربها، وكانت مستترة من أهلها ومن الناس بساتر يحجبها، أو اتخذت مكانا شرقى دارها بعيدا عن أهلها لئلا يشغلها أحد منهم عن عبادة ربها وذلك قوله تعالى:
٧ - ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا... ﴾ الآية.
أي فاتخذت بينها وبينهم ساترا يحجبها عنهم، روى أَنه كان موضعها في المسجد، فبينما هي في خلوتها أَتاها جبريل عليه السلام في صورة إنسان تام الخِلْقَة، كامل البِنية جميل الصورة، وذلك قوله تعالى:
﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾: وإِنما جاءها عليه السلام في صورة إِنسان كامل. لتستأْنس بكلامه، وتتلقى منه ما يلقى إِليها من كلمات ربها إِذ لو بدا لها