سلطانه، فلا إِله غيره، ولا رب سواه، وقوله سبحانه.
﴿وَرَحْمَةً مِنَّا﴾: أي ولنجعل هذا الغلام رحمة منا عظيمة، لمن يؤمنون به ويهتدون بهديه، ويسترشدون بإرشاده، وفي ضمنه.. إيمانهم برسول من بعده اسمه أحمد صلي الله عليه وسلم.
وقوله جل شأنه: ﴿وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾:
أي وكان خلق هذا الغلام بلا أب أَمرًا قضيناه وقدرناه أزلا، فهو مقضى كائن لا محالة، كقوله جل سلطانه: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ (١).
﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (٢٢) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (٢٣) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)﴾.
المفردات:
﴿فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا﴾: أي فاعتزلت به مكانا بعيدًا عن أهلها.
﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ﴾: فألجأَها أَلم الولادة وشدة أوجاعها. ﴿إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾: الجذع هو الساق ليس عليها سعف ولا أَغصان. ﴿وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾: النِّسْىُ؛ الشيءُ التافه الذي شأنه أن ينسى لحقارته كالحبل والخِرَقِ البالية، والْمَنْسِىُّ المتروك المهمل لتفاهته، وهو تأكيد لما قبله.

(١) سورة الأحزاب، من الآية: ٣٨


الصفحة التالية
Icon