﴿كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا﴾: أي عاصيا. إذْ العصى والعاصي بمعنى واحد. يقال عصاه فهو عاصى وعصى.
﴿فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا﴾: أَي نصيرا وقرينًا تصاحبه في النار.
﴿وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ (١): أَي دهرًا طويلًا.
﴿إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا﴾: بمعنى أحاطنى بكثير من رعايته وإكرامه، يقال حفى به كرضى، حَفاوةً بفتح الحاء. وحِفاية بكسرها فهو حاف وحفى بالغ في إكرامه وأظهر السرور والفرح....
التفسير
٤١ - ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ.... ﴾ الآية.
العطف في الآية الكريمة على "اذكر" في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾ أو على ﴿أَنْذِرْهُمْ﴾ في قوله سبحانه: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ أي اتل أيها النبي على قومك نبأ إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم، وبلغهم قصته. فقَد عرفوا أنهم من ولده وينتمون إِليه، ويدعون أنهم على ملته، فعساهم يقلعون عما هم فيه من القبائح التي من أَشنعها عبادة الأصنام.
﴿إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا﴾: أي جامعًا بين ملازمة الصدق في كل شئونه ما يأتى منها وما يدع، وبين النبوة، فهما وصفان متأصلان فيه وفق إعداد الله له، وقال الكشاف: الصدِّيق من أَمثلة المبالغة. والمراد أنه غلب كل من عداه في فرط صدقه، وكثرة ما صدق به من غيوب الله وآياته وكتبه ورسله وكل ما وصل إليه عن الله تعالى، فكان نبيًا في نفسه بخلقه وسيرته، لأن ملاك أمر النبوة الصدق وقد صدق في قوله وعمله، وصدّق الأنبياءَ والمرسلين قبله. كما يقول تعالى ﴿بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (٢). ومن صدقه الله بآيَاته ومعجزاته حرى أَن يكون كذلك. انتهى باختصار.

(١) من الملاوة - مثلثة الميم - وهى مدة العيش.
(٢) سورة الصافات، الآية: ٣٧


الصفحة التالية
Icon