من الرحمة التي يختص بها من يشاءُ. وقال الكلبي: الرحمة المال والولد، والرأي الأول أَشمل وأعم.
﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾: أي أثنينا عليهم ثناءً حسنًا، وجعلنا جميع الأُمم والملل تطريهم مهما تباعدت الأعصار، وتعاقبت الأزمنة. وإضافة لسان إِلى صدق ووصفه بقوله: ﴿عَلِيًّا﴾ للدلالة على أنّهم حقيقون بالثناء عليهم، وأن محامدهم لا تخفى علي أَحد، صلوات الله وسلامه عليهم جميعًا.
﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥١) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)﴾
المفردات:
﴿الْكِتَابِ﴾: المراد به هنا القرآن كما تقدم.
﴿مُخْلَصًا﴾: مختارا، أَي أَخلصه الله واختاره.
﴿رَسُولًا نَبِيًّا﴾: رفيع القدر من النَّبْوَة بمعنى العلو والرفعة أو من النبإ وهو الخبر.
﴿وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾: مناجيًا من المناجاة وهي المسارَّة بالكلام.
التفسير
٥١ - ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا... ﴾ الآية.
لما أمر الله تعالى محمدًا - ﷺ - أن يذكر لقومه قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن تعظيمًا لشأنه وبيانًا لجهاده في توحيد ربه، عطف عليها أمره إِياه بذكر نبإ الكليم عليه السلام بيانًا لقدره وثناءً عليه.
والمعنى: واذكر أَيها الرسول في القرآن موسى تعظيمًا لشأنه فإنه كان مُخلصًا من كل ما يشينه، وقرىء بكسر اللام بمعنى أنه أخلص لله عبادته - حتى كانت منزهة عن الشرك والرياء.