لعبده ورسوله زكريا: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾ (١). فالذي خلق الإنسان ولم يكن شيئًا يذكر قادر على إعادته بعد الموت وقد أَصبح شيئًا ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ (٢).
والمعروف لدى الإنسان أن الإِعادة أهون من البدء كما قال سبحانه: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (٣).
واعلم أن البدءَ والإِعادة سواءٌ عند الله في اليسر والسهولة، فإِنه سبحانه يقول للشىء كن فيكون، ولكن الله يخاطب عباده بما اعتادوا من أن الإِعادة أهون عليهم من البدء، فكيف يستبعدون البعث على الله، وهو إِعادة بعد بداية.
٦٨ - ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ﴾:
أَقسم الله سبحانه بربوبيته مؤكدًا بعثهم بعد الموت وحشرهم إِلى موقف الحساب وكل منهم مقرون بشيطانه الذي صرفه عن عبادة الله، وجذبه إلى اتباع أَهوائه وشهواته فينال كل منهما جزاءه العادل.
﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾: ثم لنحضرنهم بعد الحشر والحساب إِلى جهنم ليشهدوا مصيرهم المحتوم وليرى المؤمنون عاقبة الكفار وجزاءهم الرهيب وهم باركون على ركبهم، كما قال تعالى: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٤).
٦٩ - ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾:
ثم لنخرجن للعذاب أشدهم عتُوًّا وطغيانًا وتمردًا على الرحمن الرحيم، المنعم على الجميع بالخير والفضل العظيم، ويستمر نزع أَعتاهم فأعتاهم، إلى أَن يحاط بهم، فإِذا اجتمعوا

(١) سورة مريم، الآية: ٩
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٢٩
(٣) سورة الروم، الآية: ٢٧
(٤) سورة الجاثية، الآية: ٢٨


الصفحة التالية
Icon