بأنها لا تضر ولا تبصر ولا تسمع، وعلى تقليدهم آباءهم الأقدمين فأبطله وأخرجه من أن يكون شبهةً، فضلا عن أن يكون حجة، ثم صور المسألة في نفسه دونهم، حتى تخلص منها إلى ذكر الله - عَزَّ وَجَلَّ - فعظَّم شأنه وعدّد نعمته من لدن خلقه وإنشائه إلى حين وفاته مع ما يرجى في الآخرة من رحمته، ثم أتبع ذلك أن دعاه بدعوات المخلصين وابتهل إليه ابتهال الأوابين - ثم وصله بذكر يوم القيامة وثواب الله وعقابه، وما يدفع إليه المشركون يومئذ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال، وتمنى الكرَّة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا.
١٠٣ - ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾:
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾: فيما ذكر من نبأ إبراهيم - عليه السلام - ومحاجته لقومه وإقامة الحجج عليهم في التوحيد (لآية) عظيمة ودلالة واضحة على خطأ عبادة الأصنام، وبخاصة أهل مكة الذين يدعون أنهم على ملة إبراهيم - عليه السلام - فعليهم أن يجتنبوا كل الاجتناب ما هم عليه من عبادتها خوف أن يحيق بهم هذا العذاب بحكم الاشتراك فيما يوجبه.
ويجوز أن يكون المعنى: إن فيما ذكر من نبأ إبراهيم - عليه السلام - على حقيقته من غير أن تسمعه يا محمد من أحد لآية عظيمة دالة على أن ما تتلوه عليهم - وهو صادق - نازل من عند الله تعالى موجب للإيمان.
﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾:
أي: وما كان أكثر هؤلاء الذين تتلو عليهم نبأ إبراهيم مؤمنين، بل هم مصرون على ما هم عليه من الكفر والضلال، وقيل: ضمير ﴿أَكْثَرُهُمْ﴾ لقوم إبراهيم، وليس بشيء.
١٠٤ - ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾:
أي: لهو القادر على تعجيل العقوبة لقومك ولكن يمهلهم رحمة بهم ليؤمن منهم أو من ذرياتهم من شاء الله إيمانه.