فهذا لا يمنع من حدوث الاختلاف في بعض فروعها كمًّا أو كيْفًا تبعًا لاختلاف العصور وأهلها.
١٢٨ - ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ﴾:
أتشيدون بكل مكان عال من أرضكيم بناء شامخًا تتفاخرون به وتعبثون بإقامته دون أن تكونوا في حاجة إليه، أفلا فكرتم في أخراكم فآمنتم بربكم وعملتم لمرضاته؛ لأنكم إليه صائرون، وعلى عقائدكم محاسبون.
١٢٩ - ﴿وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾:
المصانع: جمع مصنعة - بفتح النون وضمها - وهي كالحوض يجتمع فيها ماءُ المطر، وهذا يؤذن بأنها فوق الأرض، ولعلهم كانوا يتخذون السدود لحبس مياه المطر، كما فعلت سبأ بإنشائها سد مأرب، وتطلق المصانع أيضًا على مآجل الماء تحت الأرض (١)، ولعله يشير إلى المعنى الأول للمصانع قول لبيد:
بلينا وما تبلى النجوم الطوالع | وتبقى الجبال بَعْدَنا والمصانع |
تركنا دورهم منهم قفارًا | وهدمنا المصانع والبروجا |
١٣٠ - ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾:
وإذا عاقبتم سواكم: أسرفتم في البغي عليهم جبارين غاشمين، تقتلون وتخربون بلا رأفة ولا قصد تأديب ولا نظر في العواقب، وعن الحسن: تبادرون تعجيل العذاب لا تتثبَّتون متفكرين في العواقب، وقال ابن كثير: يصفهم بالقوة والغلظة والجبروت.
(١) وبه قال قتادة.