ويمنعن. ﴿مَا خَطْبُكُمَا﴾: ما شأنكما؟ وفي القاموس: الخطب: الشأن والأمر صغر أو عظم، والجمع: خُطوب. ﴿يُصْدِرَ﴾: قرأ ابن عامر وأبو عمرو: ﴿يَصْدِرَ﴾ - بفتح الياء - من صدر، ضد ورد، أي: يرجع الرعاة بأغنامهم، وقرأ الباقون: ﴿يُصْدِرَ﴾ من أصدر بمعنى أرجع، أي: حتى يُرْجعوا مواشيهم. ﴿الرِّعَاءُ﴾: جمع الراعى، وهو كل من ولى أمر الحيوان وغيره ولاحظه محسنًا إليه، وقام على حفظه ومراقبته. ﴿تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ قال أبو البقاء: تأجرني من أجرته إذا كنت له أجيرًا، كقولك: أبَوْتُهُ إذا كنت له أبا، أو من تأجرني بمعنى تثيبنى، ومنه تعزية الرسول - ﷺ -: "أجَرَكُم الله ورحمكم"، وفي القاموس: أجره، يأجِرُه، ويأجُرُه. جزاه كآجره، والأجر: الجزاء على العمل.
﴿حِجَجٍ﴾: جمع حِجَّة - بالكسر - وهي السنة. ﴿أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾: أوقعك في الشقة والصعاب. ﴿فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾ أي: لا يعتدي عليَّ في طلب الزيادة.
التفسير
٢٣ - ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾:
ولما بلغ موسى ماء مدين ووصل إلى بئرها وأشرف عليه وجد فوق شفيرها وعلى جوانبها جماعة كثيرة من الناس مختلفي الأصناف يسقون مواشى مختلفة، منهم من كان يسقى إبلا ومنهم من كان يسقى غنمًا وهكذا، ووجد في مكان أسفل من مكانهم أو مما يلي جهته إذا قدم عليهم امرأتين تمنعان غنمهما عن الماء خوفا من السقاة الأقوياء كما قال ابن عباس، أو: لئلا تختلط بغيرها كما قاله الزجاج، فلما رآهما موسى - عليه السلام - رق قلبه لهما وعطف عليهما وقال: ما شأنكما وما خبركما؟ لماذا لا تردان الماء مع هؤلاء؟ قالتا: عادتنا ألاَّ نسقى حتى يصرف الرعاة مواشيهم عن الماء بعد ريِّها؛ لأننا امرأتان ضعيفتان مستورتان لا نقدر على مدافعة الرجال ومزاحمتهم، وما لنا رجل يقوم بذلك، وأبونا شيخ كبير السن قد أضعفه الكبر، فلا بد لنا من تأخير السقي إلى أن يقضى الناس أوطارهم من الماء، يقصدان إبداء العذر عن توليهما السقى بأنفسهما.
وفي سؤاله - عليه السلام - إياهما دليل على جواز مكالمة الأجنبية مع التصون والعفاف.


الصفحة التالية
Icon