التفسير
٤ - ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ... ﴾ الآية:
لما ذكرت الآية السابقة الرسالة بعنوان الإنذار بينت هذه الآية ما على الرسول من الدعاء إلى التوحيد، وإقامة الدليل.
والمعنى: الله الذي جلت قدرته وتعاظم سلطانه خلق السموات، ورفعها بغير عمد ترونها، وأحكم نظامها، وبسط الأرض، وجعل فيها جبالا رواسي، وأجرى فيها أنهارًا، وأنبت بها زرعًا وأشجارًا، وخلق بينهما كائنات وأجرامًا لا يعلم كنهها ولا يحيط بحقائقها إلاَّ الله الواحد القهار.
﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾: وذللهما وسيرهما على أبدع نظام وأدق إحكام لا يختل لهما مدار، ولا يختلف لهما مسار، وخلص من هذا كله في ستة أيام من أيامه تعالى: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ (١). ويقول في هذه السورة: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ وهي الآية التالية.
﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾: ثم دبر ملكه بعد تمام خلقه، لم يعنه في ذلك أحد، ولم يحتج إلى نصير أو شريك، فقدِّروا قدرته واشكروا نعمته.
﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾ ينصركم إذا جاوزتم طاعته ورضاه، وما لكم من وسيط يشفع لكم، ويدفع عنكم عذابه، أو يجيركم من بأسه. ﴿أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ﴾ أي: أتسمعون هذه المواعظ فلا تتذكرون بها كفرًا وعنادًا؟
٥ - ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾:
أصل التدبير: النظر في دابر الأمر، والتفكير فيه ليجىء محمود العاقبة. وهو في حقه تعالى مجاز عن إرادة الشيء على وجه الإتقان والحكمة.
والمعنى: يريد الله الأمر على وجه الحكمة والإتقان بأسباب تقتضيه، نازلة أحكمها وآثارها من السماء إلى الأرض إلى أن تقوم الساعة.