﴿فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا﴾ أي: الجنات التي فيها مساكنهم جعلت لهم نزلا ضيافة وثوابًا على أعمالهم، والنزل في الأصل: ما يعد للنازل من الطعام والشراب، ثم عمَّ كل عطاء.
﴿فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ أي: ملجؤهم ومنزلهم.
﴿الْعَذَابِ الْأَدْنَى﴾: عذاب الدنيا من قحط وقتل وأسر.
﴿دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾: قبل عذاب الآخرة.
﴿ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا﴾ أي: تولَّى بترك التدبر والقبول.
﴿مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ أي: ممن أذنبوا مُعَاقِبون، يقال: جرم فلان: أذنب، كأجرم، وانتقم منه: عاقبه.
التفسير
١٨ - ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ﴾:
قال ابن عباس وعطاء بن يسار: نزلت الآية في علي بن أبي طالب، والوليد بن عقبة بن أبي معيط، وذلك أنهما تلاحيا (١)، فقال له الوليد: أنا أبسط منك لسانا وأحدّ سنانا، وأملأُ الكتيبة جسدًا، فقال له علي: اسكت؛ فإنك فاسق - فنزلت الآية - قال ابن عبد البر: لا خلاف بين أهل العم بتأويل القرآن أنها نزلت فيه: انتهى كلامه. ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والاستفهام في قوله - تعالى -: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا... ﴾. للإنكار والنفي، ولذا عقَّبه - سبحانه - بقوله: ﴿لَا يَسْتَوُونَ﴾.
والمعنى: أيستوي الناس في جزائهم، وقد اختلفت أعمالهم، فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقًا؟ لا يتوهم ذلك بعد وضوح ما بينهما من التباين، فهما لا يستويان جزاءً كما لم

(١) تلاحيا، أي: تخاصما.


الصفحة التالية
Icon