- ﷺ - أَبًا للمؤمنين، لقوله - تعالى -: -ayah text-primary">﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ ولكن يقال: إنه مثل الأَب لهم، لقوله - ﷺ -: "إنما أنَا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم.. ". الحديث أخرجه أبو داود. وصحح بعضهم جواز إطلاق الأُبوة عليه؛ لأنه سبب للحياة الأبدية، كما أَن الأَب سبب للحياة، بل هو أحق بالأُبوة منه، وبهذا الرأْي أَخذ معاوية، وعكرمة، ومجاهد والحسن، بل قال مجاهد: كل نبي أب لأُمته، ومن هنا قيل في قول لوط: -ayah text-primary">﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي﴾ إنه أراد النساء المؤْمنات من أُمته، وأَخرج غير واحد عن ابن عباس أنه كان يقرأُ: -ayah text-primary">﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾.
(٣) أن قوله - تعالى -: ﴿وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ المْهُاجِرِينَ والأْنصارِ﴾ ناسخ لما كان في أول الهجرة من التوارث بالهجرة، حكى سعيد عن قتادة قال: كان نزل في سورة الأنفال ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (١).. ﴾. فتوارث المسلمون بالهجرة، فكان لا يرث الأَعرابي المسلم من قريبه المسلم المهاجر شيئًا حتى يهاجر، ثم نسخ ذلِكَ في هذه السورة بقوله: ﴿وَأُولُوالْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾.
كما أنه ناسخ للتوارث بالحِلْف والمؤاخاة في الدين، روى هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير بن العوام في تفسيرها قال: "إنا - معشر قريش - لما قدمنا المدينة قدمنا ولا أموال لنا، فوجدنا الأَنصار نعم الإخوان، فآخيناهم فأورثونا وأورثناهم، ثم قال: حتى أنزل الله هذه الآية فرجعنا إلى مواريثنا" وثبت عن عروة أن رسول الله - ﷺ - آخى بين الزبير وبين كعب بن مالك، فارْتَثَّ كعب يوم أُحد (٢)، فجاءَ الزبير يقوده بزمام راحلته، فلو مات يومئذ كعب عن الضَّح والريح (٣) لورثه الزبير، فأَنزل الله - تَعالَى -
(٢) الارتثاث: أن يحمل الجريح من المعركة وهو ضعيف قد أثخنته الجراح.
(٣) الضح - بكسر الضاد - ضوء الشمس إذا استمكن من الأرض، أراد أنه لو مات كعب عما طلعت عليه الشمس وجرت عليه الريح، وكنى بذلك عن كثرة المال.