١٠، ١١ - ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ (١) مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾:
المعنى: يا أيُّها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم حين جاءكم جنود الأَحزاب ﴿مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ من أعلى الوادى من جهة المشرق وهم بنو غطفان ومن تبعهم من أهل نجد وبنو قريظة وبنو النضير ﴿وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ من أَدنى الوادى من جهة المغرب - وهم قريش ومن تابعهم من الأَحابيش وبنى كنانة وأهل تهامة (٢) - وحين مالت الأبصار عن مستواها، وانحرفت عن طريقتها (٣) حيرة ودهشة، وخافت القلوب خوفًا شديدًا، كأنها من خوفها بلغت الحناجر، وتظنون بالله مختلف الظنون، فالمؤمنون الصادقون يظنون أَن ينجز الله وعده بنصر نبيه وأَوليائه وإعلاء دينه - أو أنه يمتحنهم فيخافون أن تزل أقدامهم فلا يتحملون ما نزل بهم، ويظن المنافقون والذين في قلوبهم مرض أنهم مهزومون فيقولون ما يليق بحالهم مما سيحكيه الله - تعالى -:. ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾: على اختلاف درجاتهم بهذه المحنة، واضطربوا اضطرابا قويًّا من شدة الفزع، وظهر على لسان كل فريق ما يليق بحال إيمانه من صدق أو نفاق.
﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (١٢) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (١٤)﴾
(٢) وقيل: الجائي من فوق بنو قريظة، ومن أسفل قريش وأسد، وغطفان، وسليم، وقيل غير ذلك.
(٣) وقال الأخفش: حين مالت عن كل شيء، فلم تلتفت إلا إلى عدوها.