﴿بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾: قاطعة سلطة.
﴿أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ﴾: بخلاءَ على الإنفاق في سبيل الله.
﴿أَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ﴾: أبطلها.
التفسير
١٨ - ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا﴾:
ذكر الله - سبحانه وتعالى - في الآيات السابقة بعض صور النفاق وصفات المنافقين، فهم الذين يستأْذن فريق منهم النبي في الرجوع إلى المدينة في غزوة الخندق متعلين بأَن بيوتهم غير محصنة ولابد من حراستها، وما يريدون إلا الفرار مع أَن بعضهم عاهدوا الله في غزوة أحد لا يولون الأَدبار، ولن ينفعهم الفرار من الموت أو القتل، ولا يجدون لهم من دون الله وليًّا ولا نصيرًا.
وفي هذه الآية الكريمة يبين الله صورة من صور هؤلاء المنافقين.
وقد نزلت هذه الآية الكريمة - كما قال ابن السائب - في عبد الله بن أُبي، ومن رجع معه من المنافقين من الخندق إلى المدينة، كانوا إذا جاءَهم المنافق قالوا له: ويحك اجلس ولا تخرج، ويكتبون إلى إخوانهم في جيش الرسول أن: ائتونا فإنا ننتظركم.
والمعنى: يعلم الله على سبيل التحقيق المثبطين سرًّا عن رسول الله، وهم فريق من المنافقين يصدون الناس عنه، ويمنعونهم من شهود الحرب معه، ومشاركته في الذب عن دين الله، وقتال أعداءِ الإِسلام، وهم الذين يقولون لإخوانهم في النفاق وكراهية الرسول وبغض الإِسلام: هلم إلينا، أَي: انضموا إلينا وقربوا أَنفسكم منا، وتعالوا ودعوا محمدًا فلا تشهدوا معه حربًا، فإنا نخاف عليكم الهلاك بهلاكه. وكانوا لا يباشرون الحرب والقتال إلا قيلا لعدم إخلاصهم، فهم لا يشهدون القتال إن شهدوه إلاَّ تقية دفعا عن أنفسهم.
وقيل: إن قوله - تعالى -: ﴿وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ من تتمة كلامهم، ومعناه: ولا يأْتي أصحاب محمَّد حرب الأَحزاب، ولا يبقون فيها إلاَّ زمانًا قليلا تدور بعده الدوائر عليهم، والظاهر المعنى الأَول.