التفسير
٢٥ - ﴿وَرَدَّ الله الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى الله الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ الله قَوِيًّا عَزِيزًا﴾:
رجوع إلى حكايته بقية القصة، وتفصيل لتتمة النعمة المشار إليها إجمالا بقوله - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ (١).
يقول الله - تعالى - مخبرا عن الأحزاب لما أَجلاهم عن المدينة بما أَرسل عليهم من الريح والجنود الإلهية: ورد الله الأحزاب الذين كفروا، بما أَرسله عليهم من الريح والجنود، فلم ينالوا خيرا من غزوهم للمؤمنين، فقد أَلقى الله الرعب في قلوبهم فولوا مهزومين مدحورين، وكفى الله المؤمنين القتال ولم يحتاجوا إلى منازلتهم ومبارزتهم حتى يجلوهم عن بلادهم، بل كفى الله المؤْمنين قتلهم وحده، ونصر عبده، وأعز جنده بجنود من الريح والملائكة.
وكان رسول الله - ﷺ - يقول: "لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأَحزاب وحده، فلا شىءَ بعده" أخرجه الشيخان.
وفي قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾: إشارة إلى وضع الحرب بينهم وبين قريش وحلفائها، قال محمَّد بن إسحق: لما انصرف أهل الخندق قال - ﷺ - فيما بلغنا: "لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا ولكنكم تغزونهم" فلم تغزهم قريش بعد ذلك، وكان رسول الله يغزوهم بعد ذلك حتى فتح الله - تعالى - مكة، وهذا الحديث الذي ذكره محمَّد بن إسحاق صحيح كما قال الإِمام أحمد، وروى مثله الإِمام البخاري في صحيحه، ﴿وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا﴾ على تنفيذ ما يريد، ﴿عَزِيزًا﴾ لا يغلبه غالب.