عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} أي: حقق عليهم ظنه ووجده صادقًا، وذلك إما ظنه بسبأ حين رأى انهماكهم في الشهوات وكفران النعم، أو ظنه ببني آدم حين شاهد - آدم عليه السلام - أصغى إلى وسوسته، وقال: إن ذريته أضعف منه عزمًا، والرأى الأول أقرب لاتصاله بقصة سبأ، وقوله: ﴿فَاتَّبَعُوهُ﴾ أي: فاتبعه أهل سبأ. ومعنى ﴿إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾: إلاَّ فريقًا قليلًا هم المؤمنون لم يتبعوه ولم يتأثروا بوسوسته، وتقليلهم بالإضافة إلى الكفار فإن المؤمنين قليل بالنسبة لكثرتهم.
٢١ - ﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾:
أي: وما كان لإبليس على هؤلاء الغاوين من تسلط وقدرة على الاستيلاء عليهم بالوسوسة إلاَّ ليظهر ما علمناه أزلا في شأنهم؛ من يؤمن بالآخرة ويصدق بالحساب والجزاء يوم القيامة بحسن اختياره، ممن هو من هذا في ريب بسوء اختياره.
قال الحسن: والله ما ضربهم بعصى، ولا أكرههم على شيء، وما كان إلا غرورا وأمانى دعاهم إليها فأجابوه.
وقوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ معناه: وربك على كل شيءٍ وكيل قائم على أحواله وشئونه، فلهذا لا يفوته العلم بمن يؤمن بالآخرة ممن هو في شك منها. و (حفيظ) إما مبالغة في حافظ أو بمعنى محافظ.
﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣)﴾