﴿إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ﴾ أي: يسمع من يشاءُ من أوليائه الذين خلقهم لجنته سماع تدبر وقبول لآياته.
﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ أي: إنك لا تسمع الكفار الذين أمات الكفر قلوبهم، وأبطل حواسهم فأَصبحوا كالأَموات، وكما أَنك لا تسمع الأموات الذين توسدوا القبور، فكذلك لا تسمع من مات قلبه من هؤُلاءِ المشركين الذين كتبت عليهم الشقاوة والجملة ترشيح لتمثيل المصرين على الكفر بالأَموات، وإشباع في إِقناطه - عليه السلام - من إيمانهم، حيث علم - سبحانه - من يدخل في الإِسلام ممن لا يدخل فيه، فيهدي سبحانه من يشاءُ هدايته، وأَما أَنت فخفي عليك أَمرهم، فلا تحرص على إِيمان قوم مخذولين رضوا بالباطل وأَصروا عليه.
٢٣ - ﴿إِنْ أَنتَ إلَّا نَذِيرٌ﴾:
أي: ما أَنت إلا منذر بتبليغ رسالة ربك، فإن كان المنذر ممن أراد الله له الهداية وفق ما علم - سبحانه - عن طبيعته، وحسن اختياره، سمع واهتدى، وإن كان ممن أراد الله ضلاله، وطبع على قلبه لإِصراره على الكفر ضل وغوى، فلا تحزن عليهم، لأنه ليس عليك من أمر هدايتهم أو ضلالهم سوى التبليغ والإِنذار، وأَما الاهتداء فليس من وظائفك ولا حيلة لك في المطبوع على قلوبهم لسوء اختيارهم، وخبث نفوسم.
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٢٦)﴾
المفردات:
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ أي: محقين بإرسالك، أَو إرسالا مصحوبا بالحق