ويجوز أَن يكون المعنى: والآلهة المزعومة جند محضرون لتعذيب المشركين يوم الدين، إذ تكون وقودا للنار التي يعذبون بها، أو محضرون عند حساب الكفرة إظهارًا لعجزهم، وإقناطا للمشركين من شفاعتهم، وكلاهما معنى جيد.
والتعبير عن الآلهة في المعنيين الأخيرين بالجند، وكذا ذكر اللام الدالة على المنفعة في "لهم" للتهكم بالمشركين الذين يستنصرون بهم، فإنهم وقود لعذابهم أو شهود عليهم، وكلاهما مباين لما أَملوه فيهم من أَن يكونوا جنود نصرة ومنفعة لهم.
٧٦ - ﴿فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾:
هذه الآية لتسلية الرسول وتسرية الحزن عنه بسبب إشراكهم باللهِ، وقولهم على الله وعلى رسوله ما لا يليق، وقد ختمت بإنذارهم على مقالتهم.
ومعنى الآية: إذا كان حالهم مع ربهم - سبحانه - ما علمته يا محمد من الإشراك، فلا تحزن لقولهم في الله بالإلحاد، وفيك بالتكذيب والتهجين، فإننا نعلم ما يسرون وما يظهرون من الجرائم فنجازيهم عليها حتى لا يستوي المحسن والمسيءُ، والعلم بما ذكر مجاز أو كناية عن الجزاء عليه، فالجزاءُ على الذنب من مقتضيات علم العادل الحكيم.
﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠)﴾